لقد أتاح السقوط المدوي للدولة الاستبدادية مع سقوط نظام صدام حسين، فرصة تاريخية لبناء دولة ديمقراطية مدنية متحضرة. لكن الحاكم المدني للاحتلال الأميركي سرعان ما بدد هذه الفرصة التي يندر أن تتاح لأمة، باعتماده خرائب النظام السابق في إعادة بناء النظام الجديد. فقد استعان بكل من أبدى الاستعداد للتماهي مع توجهاته، من كوادر الدولة القديمة، في التشكيلات الجديدة للشرطة والمخابرات والقوات المسلحة التي ظلت حتى الآن تثير شكوك وهواجس من تناوبوا على حكم البلاد… ولم ينته الأمر عند هذا الحد الملتبس، بل كرست المحاصصة الطائفية المشوهة ما كان قد وضع لبناته بول بريمر، وحولتها إلى ظاهرة تسود بنيان الدولة الجديدة بكل أركانها وميادينها، حتى يبدو من كرسوا حياتهم في مقارعة النظام المباد أمام مشهد الدولة الجديدة وأجهزتها ومؤسساتها، غرباء وربما منبوذين مهمشين، لا فرق في ذلك بين أبناء الطوائف جميعاً من عابري الطوائف وأحزابها.
Share message here, إقرأ المزيد
من دولة الاستبداد إلى استبداد الدولة