-
/ عربي / USD
أجل، فلا أحد يفِد عليه، وما تكلم فيها أحد قط. كانت ميتةً، خرساءَ، بلا صدى لأي صوت بشري. وإن للمرء أن يتصور بأن الجدران تحتفظ بشيءٍ من الأشخاص الذين يعيشون بداخلها، بشيء من إهابهم، من وجوههم، كلماتهم. والمنازل التي تسكنها عائلات سعيدة هي أكثرُ مرحاً من بيوت الأشقياء. أما غرفته هو، فهي فارغةٌ من كل ذكرى مثل حياته تماماً، ومجرد التفكير في العودة إلى هذه الغرفة وحيداً، والارتماء على سريره وإنجاز كل الحركات والأعباء الاعتيادية فيها، يُنهكه أشدّ الإنهاك. وكما لو أنه يحاول الابتعاد عن هذا المسكن التعيس، واللحظة التي سيضطر فيها للرجوع إليه، نهض من جديد وانحشر في أول ممشى في الغابة، واستلقى بجسده على العشب.
حوله، تحته، وفي كل ما يحيط به طفق يسمع صوتاً غامضاً، صوتاً هائلاً ومتتابعاً مصنوعاً من ضجيجٍ متعددٍ ومتنوعِ الإيقاع؛ صوتاً أصمّ، قريباً، بعيداً، يحمل نبض الحياة متموجاً: إنه لهاثُ باريس، وهي تستنشق مثل كائنٍ هائل الشكل.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد