-
/ عربي / USD
عرفني الظلُّ وأعرفه، أنساق إليه منجرفاً مع الموج. يكلِّفني التربُّص بمصادره الجهد والوقت. لا حدود لمغامرة الاستظلال، كنتُ أحلم على الدوام بأن أقود البواخر، أمخر العباب، أستكشف اليابسة، لأن العاصفة وحدها تُغَيِّرُ استواء «الأزرق» الظاهري.
حذَّرتْني الموجة مراراً من الجُرْف الذي ظننتُهُ - عن علم - باخرة ضخمة، أتصنَّع التسلُّل إليها. أقتل رُبَّانها وأقودها نحو المجهول. أستيقظ من حُلْمي مذعوراً، فتُقسم أُمِّي ألَّا أذهب للجُرْف، وألَّا أقود الباخرة، وألَّا أقتل الرُّبَّان، وألَّا أرتمي في غياهب المجهول، ذاك المعلوم لدى أُمِّي، والثابت في سماوات تطلُّعاتي. تعرف أُمِّي أنني كلَّما قُدْتُ شيئاً دَمَّرْتُهُ، فصارت تحرص على التدمير. لي في المخيِّلة جُرْف مائل، باخرة منحرفة عن المسار، رُكَّابٌ وقراصنة، رحلة محفوفة بالمغامرة أو على حافَّة الجُرْف.. يلزمني الانجراف نحو البحر (فقط) قبل الاستيقاظ. نزلتُ من الباخرة بعد أن رسوتُ دون رُكَّابٍ على الساحل. ويا للعجب !صرتُ رُبَّاناً محترفاً يستقرُّ حيث شَاءَ من الجنبات، التقيتُ صديقي في الاستقبال. استرجعنا ذكريات الطفولة المتمرِّدة. لم أكن أتصوَّر أن الشفاه ستصير ضفافاً، والحَوَافَّ أدْراجاً، والرياح جسوراً بيني وبينه. تَسَوَّلْنَا السواحل بعد التيه العظيم بين الزُّرْقة العليا والسفلى.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد