يضم هذا الكتاب قيم متأتية من مشكاة النبوة لتعارف الحضارات، تُشكل بصائر هداية، تشتد أهميتها في أنها تأتي لتجديد الذاكرة تجاهها، والأمة قد توقفت عن أداء دورها الرسالي الإنساني، بسبب ما تعاني من حالات التقطيع والشتات في الأرض، تمضي فيها سنة الله تعالى في قيام الأمم وسقوطها، وذلك بسبب تقصيرها ومعاصيها، لعلها تؤوب إلى رشدها.
حيث يبقى الصالحون، على ضيق مساحاتهم، هم الأمل وهم خميرة النهوض ووسيلة استرداد الفاعلية بما يتوفرون عليه من البصيرة الثاقبة والقدرة على اكتشاف الخلل، والعمل على امتلاك الأهلية لمعالجته واستئناف الدور الرسالي.
ولعلنا نقول: إن هذه البصائر هي بمثابة صوت النذير لهذه الخميرة الصالحة، لتشد عزيمتها على الرشد، وتستشعر مسؤوليتها تجاه أمتها والحضارة الإنسانية، بعد هذا التيه والشتات والتقطيع، فلقد تاه الدليل، وضل السعي، وساء التقدير، وعبث بالقيم، وطفت الزعامات المزيفة المصنوعة، التي وجدت المحضن المناسب في حقبة الفتن العمياء، وساد القومَ، في الأعم الغالب وفي كثير من الأحيان، أراذُلهم، وضُيّعت الأمانة، وأدخلت الأمة بمواجهات ومعارك خطأ حصدت شبابها ومزقت كيانها، وشوّهت قيمها، واستنزفت طاقاتها، وعمَّت عليها الأشياء.