لم يكن الشعر بعيدًا عن الصراع الفكري والسياسي الذي عصف بالأمة الاسلامية في عهد الامام عليّ عليه السلام، فقد تمخض عن هذا الصراع فيضًا شعريًا عبر عن الواقع الفكري والسياسي للمجتمع الإسلامي، إذ تعد الحرب أقوى الدوافع عند العربي لقول الشعر، وهذا الأمر اتضح جليًّا في حروب الإمام عليّ عليه السلام في الجمل وصفين والنهروان، وقد حاول الشعراء التعبير عن آرائهم الفكرية والعقدية تجاه الآخر، ولايخفى أنّ الشاعر سعى حثيثًا لتضمين شعره بما يعتقده من عقائد وأفكار هيمنت على وجدانه وهي جزء من وجوده، بوصفه فردًا ينتمي الى منظومة الجماعة التي ترتبط بالنظام السياسي والاجتماعي الذي يتبناه.

لقد كان هدف الكتاب جمع وتحقيق شعر وقعتي الجمل والنهروان من بطون الكتب التي لم تستوف كلّ ما قيل في هاتين الوقعتين مثل كتب التاريخ والتراجم والأدب التي انتقى مؤلّفوها ما يلائم طبيعة ما يروونه من المواقف المختلفة من هاتين الوقعتين، فضلًا عن المنهجية التي ساروا عليها في سرد أحداثها، وبذلك كان لنا قصب السبق في جمع هذا الشعر وتحقيقه وفق منهجية علمية تعتمد ما يسمى الرواية الثانية للشعر.