-
/ عربي / USD
إن حبَّ الوطن، والإعتزازَ به، والفخرَ بالإنتماءِ إليه، والذي ظهَرَ مُبكّراً عندَ المؤرِّخ المسلم، أبْرَزَ إتّجاهاً جديداً في الكتابةِ التاريخية، يعبِّرُ تعبيراً محبَّباً عن شعورِ الجماعة بالإرتباطِ الوثيق بيْنَ الإنسانِ ومكانِ مَوْلدِه ومَرْباه.
وقد بَدَا ذلك الشعورُ واضحاً - على سبيل المثال - في دوافع صاحبِ كتاب (محَاسن أصفَهان) حينَما وضَعَ كتابَه، وكلّ مؤرخي البلدانيّات كابن عساكر والمقريزي وابن الدبّاغ وابن ناجي وغيرهم.
ومن الطبيعيِّ أن يكونَ المؤرِّخ - وهُو ابنُ بيئتِه - عارفاً بمدينِته وبكلِّ ما يتعلقُ بجغرافيِتها وتاريخِها وفضائِلها وأهلِها ورِجالها، فيضعُ مصنَّفَه في جانبٍ أو أكثرَ من تلك الجوانب، وهذا النوعُ من المصنّفاتِ هُو ما يُطلقُ عليه تواريخُ البُلدانِ أوِ التواريخُ المحلية.
وقد اهتمَّ كثيرٌ من المؤرِّخين المسلمينَ بكتابةٍ تواريخَ لبُلْدانِهم، فقلّما توجَدُ مدينةٌ بخُراسانَ وما وراءَ النهر - على سبيل المثال - لم يُكتَبْ لها تاريخ.
ونجدُ أبا عليٍّ السَّلاميَّ (ت 300هـ) يحضُّ أصحابَ المعرفةِ من أهلِ المدُنِ أن يَعرِفوا تواريخَ مدُنِهم ويحفظوها ويُوثِّقوها، فليس أَزْرى بالمؤرِّخ من أن يجهَلَ أخبارَ أرْضِه، ومن الأوْلى أن يكتبَ تاريخَ بلدِه قبْلَ أن يكتبَ تاريخَ بلدٍ آخر.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد