رسالة التذكرة في المبدأ والمعاد للخواجة نصير الدين الطوسي، تعتبر من الرسائل القيمة والنادرة التي ألفها الطوسي على مبى أعل الولاية وسالكي طريق الآخرة، وما شاهدوه من حقائق المبدأ والمعاد وأحوال يوم القيامة، كما هو مسطور في القرآن الكريم، وبما جرى على لسان الأنبياء والأولياء.
لهذا تختلف هذه التذكرة كل الاختلاف عن كتاب المبدأ والمعاد للشيخ الرئيس، أو المبدأ والمعاد للملا صدرا، اللذين كتبا وفقاً لمباني الحكماء، وبالمنهج الاستدلالي البرهاني وحده.
أكثر فصول هذه التذكرة، المكونة من عشرين فصلاً، تدور حول مسائل المعاد وتفاصيل ما يجري في يوم القيامة، كالحشر والجنة والنار والصراط وصحائف الأعمال والثواب والحساب وذكر الميزان ونفخات الصور وأبواب الجنة والنار وخزنتها وسواقي الجنة والحور العين وغيرها. إلا أن المعاد لما كان هو العود إلى الفطرة الأولى، والرجوع حقيقة إلى المبدأ تعالى، كان من الضروري الإشارة إلى المبدأ الحق تعالى في بضعة فصول، ومن ثم تسمية هذه التذكرة بـ المبدأ والمعاد.
وقد قام الشيخ صادق جعفر الشطي بترجمة متن رسالة التذكرة في المبدأ والمعاد، وقدمها للمعهد العالي للفقه والمعارف الإسلامي في مدينة قُمْ المقدسة لنيل درجة الماجستير، كما قام بترجمة شرح آية الله حسن زاده آملي وتعليقاته القيمة على هذه التذكرة، التي قام فيها بشرح معانيه، وتوضيح مبهماته، ومضيفاً عليها الكثير مما يستحق الشكر والتقدير والاهتمام.
وقد أضاف المرحوم مقدمة تحقيقية تحليلية مهمة، تبين لنا مذهب الطوسي حقيقة ومنهجه المعرفي ومنجزاته العلمية الكبرى، من خلال تصنيف مؤلفاته، وتحليل ما قام به من أعمال عظيمة على مستوى الشرح أو النقد أو التأسيس والإبداع. ولم يتعرض إلى المسائل التاريخية والحوادث السياسية الحافلة التي عاشها الخواجة في أوساط الإسماعليين، أو في ظل الحكم المغولي وما بعده، إلا فيما يتعلق بالإشكالية المنهجية عند الطوسي، وتحليله لتلك الإشكالية.
أما المصادر والمراجع التي اعتمد عليها المترجم في هذه المقدمة، فهي غالباً مؤلفات الطوسي الأساسية في علم الكلام والفلسفية والعرفان. وبعض الدراسات الحديثة. وقد أثبتها في قائمة المصادر والمراجع في آخر البحث، وفقاً للترتيب الألفبائي لشهرة المؤلف. كما حقق وأثبت معظم المصادر والمراجع التي اعتمد عليها الشيخ الآملي في حاشيته وتعليقته، ولكنه لم يعتمد على الطبعات نفسها التي اعتمدها، وإنما على الطبعات الحديثة والأكثر انتشاراً وتحقيقاً.