يبحث هذا الكتاب في مؤلفات الناقد والمفكر سعيد بنكراد الذي لم يكن قط مجرد ناقل لنظريات السيميائيات وشارح لها، بل تعدى ذلك إلى تشييد صرح نظري متين، ينهض على مسوغات واختيارات علمية واعية.هذا الوعي بالمفاهيم في علاقتها بسياقات الحداثة الغربية، وما يكتنف نقلها جعله يصف حداثتنا...

يبحث هذا الكتاب في مؤلفات الناقد والمفكر سعيد بنكراد الذي لم يكن قط مجرد ناقل لنظريات السيميائيات وشارح لها، بل تعدى ذلك إلى تشييد صرح نظري متين، ينهض على مسوغات واختيارات علمية واعية.
هذا الوعي بالمفاهيم في علاقتها بسياقات الحداثة الغربية، وما يكتنف نقلها جعله يصف حداثتنا بـ "الكسيحة".
فالحداثة، التي تعد السيميائيات إحدى سماتها في الفكر النقدي، لا تعني عند سميد بنكراد استيراد مفاهيمها، وإسقاطها على بنيات ثقافية ونصوص أدبية دون مراعاة لخصوصياتها، بل هو يفصل "بين المعرفة بإعتبارها وعياً بالوجود وإمساكاً بجوهره، وبين سلوك ممتد في زمنية اجتماعية بلا رقيب ولا حسيب".
بعبارة أخرى تقتضي المعرفة: إجهاد الفكر، وإعمال العقل، وإدراك السياقات والخصوصيات، وانتقاء المفاهيم بعد تمحيصها وتدقيقها وتحيينها، لتغدو ملائمة لطبيعة المتلقي العربي وإنتاجاته وتمثلاته ولأنساق تراثه لما يحفل به "من المصطلحات التي يمكن استخدامها من أجل تغطية حاجات معرفية معاصرة".
ولعل هذا ما يلاحظه المتتبع لمشروع سعيد بنكراد المتسم بالتجاوز والتطور والإنفتاح والجدة والإضافة.
لقد كانت البداية مع السرد وعوالمه، تنظيراً وإنجازاً، لكنه سرعان ما دلف إلى التأويل لإثارة إشكالاته، وفي الحالتين معاً، كان البحث عن المعنى في مختلف الخطابات والظواهر غاية أنتجت لنا مشروعاً علمياً رصيناً.