شكل ظهور نظرية التلقي قفزةً نوعيةً في عالم الأدب، فمنذ أن تحول الإهتمام بالمتلقي، والقارئ، وردود فعله واستجاباته الفعلية، تغيرت نظرة المحلل للنصوص المنتجة، وصار المتلقي يشكل بؤرة اهتمام النقد الحديث، بإعتباره القارئ المنتج للمعنى، والقارئ في بياضات النص، المالئ...

شكل ظهور نظرية التلقي قفزةً نوعيةً في عالم الأدب، فمنذ أن تحول الإهتمام بالمتلقي، والقارئ، وردود فعله واستجاباته الفعلية، تغيرت نظرة المحلل للنصوص المنتجة، وصار المتلقي يشكل بؤرة اهتمام النقد الحديث، بإعتباره القارئ المنتج للمعنى، والقارئ في بياضات النص، المالئ لفراغاته، فتحول بموجبها من متلقٍ سلبي إلى متلقٍ إيجابي يتفاعل مع النتاجات الأدبية وينتج معنى جديداً.
تستمد هذه النظرية أصولها المعرفية والفلسفية من هيرمينيطيقا هانس جيورك غادامير ومن أطروحات الشكلانيين الروسيين، دون أن ننسى التأثير الملموس لعلم اجتماع معرفة كارل مانهايم من جهة، ولأطروحات ونظريات حلقة براغ اللغوية من جهة أخرى.
لكي تعاطي جل الدراسات النقدية مع نصوص الأدب في ضوء جمالية التلقي يظل مقصوراً على جنس أدبي واحد (القصة، الرواية، المسرحية)، أو على حقبة زمنية محددة (الحقبة الجاهلية، الإسلامية، الأموية، الحديثة...).
ومن هنا، يتم وصف سيرورة التلقي وصفاً جزئياً لا يراعي مبدأ التنوع، مما يجعل القارئ العربي غير قادر على فهم وتمثل خطوط وتجليات جمالية التلقي في نماذج شعرية ونثرية متنوعة، وفي أزمنة متباعدة.
ومن هنا، تأتي أهمية المشروع النقدي الجديد الذي يقترحه هذا الكتاب، حيث يعد إضافة نوعية أصيلة للمعرفة النقدية.