لطالما أدهشتني يونغ باختياره الطرق الوعرة دوماً، فهو لا يرغب بطرق وطِئها غيره، ولا يمكن للمبادئ المتفق عليها أن تُثنيه عن المضي قدماً في أبحاثه، ومع أنني ترجمت له سابقاً ثلاثة كتب رئيسة أصدرتها دار الحوار، هي: "مدخل إلى علم النفس التحليلي" و"النماذج البدنية واللاوعي الجمعي"...
لطالما أدهشتني يونغ باختياره الطرق الوعرة دوماً، فهو لا يرغب بطرق وطِئها غيره، ولا يمكن للمبادئ المتفق عليها أن تُثنيه عن المضي قدماً في أبحاثه، ومع أنني ترجمت له سابقاً ثلاثة كتب رئيسة أصدرتها دار الحوار، هي: "مدخل إلى علم النفس التحليلي" و"النماذج البدنية واللاوعي الجمعي" و"الكتاب الأحمر"، إلا أنني لا أزال أقف عاجزاً عن إحاطته بتعريف واضح إذا سألني أحدهم عن نهجه، فهو طبيب نفسي، ومؤسس مدرسة علم النفس التحليلي، وباحث في الفلسفة والمثيولوجيا والأدب والأديان الرسمية وغير الرسمية، وعارفّ بتراث الشرق الأدنى والأوسط، ولا تكاد تصادف مجالاً من مجالات الحياة إلا وخاض دروبه مكوّناً منظوره الخاص البعيد عن الأفكار المُسبقة جميعها، فبأي صفة أستطيع وصفه؟ هل هو ملحد أم مؤمن؟ علميّ أم غيبي؟ هل يؤمن بالدين الذي نشأ عليه أم قام بتشكيل دينه الشخصي، واختار لنفسه إلهاً خاصاً به؟. يبدو أن يونغ، وبعد إطلاعه على فلسفات الشرق بشكل عام، وفلسفات الهند والصين بشكل خاص، استطاع أن يجمع هذه التناقضات كلها معاً، ويستوعبها كلها ويكرّسها لحفرياته في أعماق النفس البشرية التي استعصت على الفهم. قد يكون هذا الكتاب (أسفار الخير والشر) من أهم الكتب التي تشرح بطريقة عملية كل المفاهيم التي استعصت على الفهم مثل "الوعي" و"اللاوعي" واللاوعي الجمعي" و"النماذج البدنية" و"الشخصية القناع" و"النفس" و"الذات" و"الروح" و"القرينة" وغيرها.