لكن الوئام بين الصور البعيدة كان إحدى سمات العالم الذي نشأ من حوله في حديقة اللوكسمبورغ، شاهد فجأة وجوه الكائنات والأشياء دفعة واحدة؛ تلك الوجوه التي تناوبت أحياناً، وفي لحظات تصارعت فيما بينها، اندمجت في وجه واحد يصعبُ تسميته.بدت الأشياء والكائنات كما لو أنها مجموعة صور...
لكن الوئام بين الصور البعيدة كان إحدى سمات العالم الذي نشأ من حوله في حديقة اللوكسمبورغ، شاهد فجأة وجوه الكائنات والأشياء دفعة واحدة؛ تلك الوجوه التي تناوبت أحياناً، وفي لحظات تصارعت فيما بينها، اندمجت في وجه واحد يصعبُ تسميته.
بدت الأشياء والكائنات كما لو أنها مجموعة صور لا يختبئ خلفها شيء بإستثناء تشابك آخر في شبكة معقودة تمتدُ إلى ما لا نهاية عبر الفضاء.
أحس باول الآن بشكل أقوى بتراكم ونضوج حياة المدينة في جسم الفتاة؛ تولد لديه شعور بأن ليس المدينة الجاثية تحت النوافذ أن تبقى مختبئة.
سُمعت الموسيقى، وسُمعتْ الأحاديث الهادئة من المقهى الموجود على الجانب الآخر للساحة الصغيرة، تذوق باول طويلاً بشفتيه ولسانه طعم البهجة الخارجة من الجسد الذي اكتسب خفةَ وتنوعَ النباتات المائية، أو الطائر الخرافي، أو الحلم، ما جعله يكتشف زواياه، ويدرك أنه يفعل ذلك بالشغف نفسه والكمال ذاته الذي فعله حين عبر في الأيام الأخيرة الشوارعَ والحدائق وكورنيشات المدينة، بشعور اختلط فيه تصميم الرحالة والمغامر وفضول هاوي المتع، ولكن بتحفظ علمي، إلى أن شدته كلير.
اعتقد باول أنه وهجٌ خارجٌ من صميم جسدها الذي امتص أضواء المدينة - أضواء مصابيح الشوارع، نوافذ المقهى، نوافذ المتاجر - وحولها إلى وهج باهت لن ينساه أبداً.