في هذا الكتاب، يأتي جاك دريدا المعروف بمغامراته ذات النسّب التفكيكي، قارئاً فرويدياً، ومناقشاً لافرويدياً، وساعياً إلى الإستقلالية، كما لو أن فرويد الخاضع لطريقة دريدا في الكتابة، هو غير من عاش حياته الفعلية، وقد نُزِع عنه ما كان يرغب في الإحتفاظ به: الأب الذي يبقى أباً،...
في هذا الكتاب، يأتي جاك دريدا المعروف بمغامراته ذات النسّب التفكيكي، قارئاً فرويدياً، ومناقشاً لافرويدياً، وساعياً إلى الإستقلالية، كما لو أن فرويد الخاضع لطريقة دريدا في الكتابة، هو غير من عاش حياته الفعلية، وقد نُزِع عنه ما كان يرغب في الإحتفاظ به: الأب الذي يبقى أباً، حتى بعد رحيله الأبدي، الأب الذي يتكلمه كلامه، وإن أصبح في حالة غياب، كما هو حال من جعلوا من أنفسهم خلفاء تابعين له بمعنى ما، وجاك دريدا، خلاف هؤلاء، وبما هو مثار في بحثه، يترجم حيوية الكتابة ذاتها، بمقدار ما يضع أكثر من علامة إستفهام على ما تفوّه به فرويد، فمضى دريدا به إلى ما وراء المتشكّل باسمه، إستمراراً لما يشتغل عليه وعيه ولاوعيه دريدياً، أي الكتابة، ثم الكتابة، ثم الكتابة، لقد أمات فرويده، ليحيا هو!...
تكون الكتابة بشارتها الكبرى، تجريداً لكاتبها من أي وصاية في التفسير، أو التأطير، إنه الإنتقال بالمعنى إلى ما يبقيه قيد التحولات في الإتجاهات المختلفة، وبالتالي، يكون دريدا نفسه، خاضعاً لهذا القانون الذي يصبح كَمُّه كيفاً.
في نص "فرويد ومشهد الكتابة" الأشهر من أن يعرَّف به، يمكن للباحث أن يكتب في ضوئه نصه، بإمتلاكه كفاءة الكتابة الفعلية التي تحمل بصمته إلى ما بعد رحيله؛ ولولا ذلك، لمَا أمكن طرح هذا النص ومرافقاته بالعربية.