لعل ما يشغل حوارات جاك دريدا في هذا الكتاب صاحب الثمانين كتاباً، هو ما يحفّز فينا إرادة البحث عما ينبي عليه كل حوار من حواراته هذه، والتي تتكلم في غالبيتها العربية، للمرة الأولى.إنه حوار ينفتح على حوارات من الداخل، وحوار يتشابك مع حوار آخر، في سلسلة حلزونية، او دواماتية،...
لعل ما يشغل حوارات جاك دريدا في هذا الكتاب صاحب الثمانين كتاباً، هو ما يحفّز فينا إرادة البحث عما ينبي عليه كل حوار من حواراته هذه، والتي تتكلم في غالبيتها العربية، للمرة الأولى. إنه حوار ينفتح على حوارات من الداخل، وحوار يتشابك مع حوار آخر، في سلسلة حلزونية، او دواماتية، نهرية المقام، كما لو أن لدريدا أكثر من وجه، أكثر من لغة، أكثر من توقيع، وأكثر من كتابة. وأحسب هنا، أن قارئ هذه الحوارات، سيعثر على الكثير مما كان خافياً، أو غائماً، أو مقتطعاً، في مؤلفات دريدا، حيث يشكل كل حوار إضاءة معينة، لا تخلو من تبصرة بما هو مغيِّب ولو في بعض من المسمى لكتابات دريدية. في هذا الكتاب، ثمة حاجة ماسة إلى إتقان لغة تعلّو اللغة، لغة من أساسياتها كيفية الإرتقاء إلى مستواها، حيث يصعب الإستمرار في قراءة حوار ما، دون التوقف، دون التقاط الأنفاس، دون السؤال عما يتضمن الحوار، في مواقع مختلفة من وعورات، أو ثغرات، وجرّاء اعتماد مفردات تنطلق بلغات أخرى، وقد صهِرت داخل متن القول. إن ذلك يزيد من نشوة المتابعة، والمضي بالقراءة، كما حال دريدا، إلى ما وراء الأفق المنظور، إذ إن متعة القراءة الرئيسة، كما هي متعة الكتابة، هي أن تترك كل أفق وراءك، وأن تكون أنت الأفق الذي يسمّيك باسمك، ويحمل دمغتك، وأنتَ أهل لها.