مهما يكن للإبداع من ملامح خاصة زمكانية، فهو حر ومتحرر من قيود الزمان والمكان، ولدراسة هذا الإبداع في باقة من نصوصه العريقة الخالدة، اختارت المؤلفة منهجاً نقدياً حديثاً وحداثياً، هو النقد الثقافي، فابتدأ هذا الكتاب بدراسة هذا النقد في نشأته الغربية، وببلورة مفاهيمه،...

مهما يكن للإبداع من ملامح خاصة زمكانية، فهو حر ومتحرر من قيود الزمان والمكان، ولدراسة هذا الإبداع في باقة من نصوصه العريقة الخالدة، اختارت المؤلفة منهجاً نقدياً حديثاً وحداثياً، هو النقد الثقافي، فابتدأ هذا الكتاب بدراسة هذا النقد في نشأته الغربية، وببلورة مفاهيمه، وبتشكله وتجذيره ونضجه، وصولاً إلى إنتقاله إلينا، حيث رصدت المؤلفة مظاهر هذا الإنتقال وأشكال تقبله، ثم مضت إلى دراسة الأنساق المركزية وما يعتريها من تجلّ وخفاء.
وقد توزعت هذه الدراسة من نسق دونية المرأة في المجتمع وفوقيتها في الشعر، إلى الخمرة بين نسقي التجلي والخفاء في الشعر الجاهلي.
ومن ثم الثنائيات الضدية التي تركّز القول فيها في الشطر الأخير من هذا الكتاب، إبتداءً بتأطير نظري، ثم بالبحث في ثنائية الحرب والسلم، فثنائية الغنى والفقر، عبر نصوص لمشهورين ولمغمورين ولمكثرين ولمقلين، ولشاعرات أيضاً.
وفي كل ذلك كان الموكد أن النص التراثي كالنص المعاصر في صلاحيته للمعالجة النقدية في عصرها أيضاً، ولعل ما حققه هذا الكتاب من ذلك أن يسهم في الخروج بالنصوص التراثية من أسيجتها إلى الرحابة المعاصرة والحداثية، مما يؤكد قابلية تلك النصوص، كأي إبداع خالد ومعاصر، على الإنفتاح وعلى تعدد القراءات، ومقدرتها على كسر الحدود والجمود، إستخراجاً لمكنوناتها الجمالية.