"إذا لم تكن تكتب لقارئ فأنت لا تكتب.":لأن أولى النقد الكلاسيكي عناية قصوى للمؤلف، وآمن "بأن ليس هناك إنسان آخر في الأدب غير الذي يكتب"، فإنّ النقد الحديث - إذ أقصى المؤلف - منح القارئ دوراً مركزياً وأولوية مطلقة. فالأدب بوصفه نشاطاً تواصلياً لا يُكتب إلّا من أجل قارئ، ولا يحقق...
"إذا لم تكن تكتب لقارئ فأنت لا تكتب.":
لأن أولى النقد الكلاسيكي عناية قصوى للمؤلف، وآمن "بأن ليس هناك إنسان آخر في الأدب غير الذي يكتب"، فإنّ النقد الحديث - إذ أقصى المؤلف - منح القارئ دوراً مركزياً وأولوية مطلقة. فالأدب بوصفه نشاطاً تواصلياً لا يُكتب إلّا من أجل قارئ، ولا يحقق وجوده الفعلي واستمراريته إلّا بالقراءة. ولهذا رأى بعض النقّاد أنّ البحث في عملية تقبل الآثار الأدبية لا يقلّ قيمة عن البحث في أدبيتها.
وقد ميّز النقّاد في هذا المجال بين أنواع كثيرة من القراء، منهم من هو داخل - نصّي، ومنهم من هو خارج - نصّي. غير أننا في هذا الكتاب سنهتم فقط بالنوع الاخير من القرّاء، وغايتنا هي أن ننظر في علاقة هذه النصوص الروائية بقارئها الحقيقي، وردود أفعاله تجاهها، والمعايير المتحكّمة في الذائقة الأدبية للنقّاد والموجّهة إياها. وما هي مواطن استحسانهم في هذه النصوص؟ وما هي مواطن استهجانهم فيها؟ وما مدى تطوّر هذه الذائقة الأدبية من عدمه.
وهنا، لعلّ قولة الروائي الكبير الراحل هاني الراهب، تصلح لأن تكون في المفتاح: "إذا لم تكن تكتب لقارئ فأنت لا تكتب".