"لم أكن جندياً، كنتُ هارباً من نفسي، من خاصرة الغابة، يطلع قمرٌ فضيَّ بطيءٌ، أنا أيضاً كنتُ أغشّ، لم أتعلم الحياة، فقد رسموا لي أن أكون بطلاً ميتاً، لكنَّ القدر وقع على رفاقي الذين لم يطلبوه بشدة، ليستُ آسفاً على حفلةٍ يتراءى الموتُ أمامَها.ذهبتَ إلى حربٍ مجنونةٍ ليستْ...
"لم أكن جندياً، كنتُ هارباً من نفسي، من خاصرة الغابة، يطلع قمرٌ فضيَّ بطيءٌ، أنا أيضاً كنتُ أغشّ، لم أتعلم الحياة، فقد رسموا لي أن أكون بطلاً ميتاً، لكنَّ القدر وقع على رفاقي الذين لم يطلبوه بشدة، ليستُ آسفاً على حفلةٍ يتراءى الموتُ أمامَها.
ذهبتَ إلى حربٍ مجنونةٍ ليستْ حرَبك، كلاكما كان في الخوف، لم يعد هناك رعاهٌ، بل منتجون صغار للحليب واللحم، خاضعون لقوانين السوق، وأختك كانت تغش، وأنت؟...
كانتُ ليز نسمةَ حياةٍ بعد الفزع البالغ، ولكنْ مع ذلك، هل تثق بها؟ لم أعدُ أعرف... ما زلتُ صادقاً، لكنَّ صدقي يموت شاباً، إنها تلتصقُ برغبتي، ورغبتي باللاشيء، لهذا كان الجيش يناسبني، ني فهو يأخذ بيدك حين لا شيء لديك لتجدّدَ حياتك، لتصبحَ بطلاً، فأنتَ في فراغٍ ملوثٍ كهذا الزمن... كنت أستطيعُ ملء هذا الفراغ بأي شيء كأي إنسان آخر، حياةُ مترعةٌ تماماً، إنما لا أريد... لستُ صندوق قمامة".
هكذا يقول الشاب الفرنسي جان العائد إلى بلاده بعد خمس سنوات قضاها مظلياً في لبنان، لا يحلم إلا بوطنه، لكنه عندما يكتشف بعدما عاد أن الفساد نخر كل ما هو أثير لديه، تحوّل إلى المحارب الذي كان عليه.