كثير من مفَاخر آدابنا العالمية هو عندي عار، وجمالُ نصوص مكرّمة لا أراه غير شناعة.تلك العِبَر الأخلاقية التي تُكرَّس لها القصص المعروفة منذ "إيزوب" وصولاً إلى "كلية ودمنة" و"مرزبان نامه" ثمّ "لافونتين"، كأمثلة، هي من منظور الأخلاق الطبيعيّة الجديدة آثمة جدّاً، لأنّها تكرّس...
كثير من مفَاخر آدابنا العالمية هو عندي عار، وجمالُ نصوص مكرّمة لا أراه غير شناعة. تلك العِبَر الأخلاقية التي تُكرَّس لها القصص المعروفة منذ "إيزوب" وصولاً إلى "كلية ودمنة" و"مرزبان نامه" ثمّ "لافونتين"، كأمثلة، هي من منظور الأخلاق الطبيعيّة الجديدة آثمة جدّاً، لأنّها تكرّس الطبيعة كلّها، بحيوانها الداجن والآبد، وشجرها وسمكها وطيورها، كرموز! كيف يمكنني أن أحبَّ مهرِّجي الفكر ومهرِّجي الكلمات، إذا كان أحدهم يقول، كما يروي الجاحظ في البخلاء، إنّ العصفور قد سُمُيَ عصفوراً لأنّه عصى وفرّ! سوف تجد في الأحداث التي أذكرها في هذا الكتاب، ولست أسميها قصصاً أو حكايات، لأنّ هذين يحملان طابعاً أدبياً تأليفياً، أي خيالياً، أنا في الأساس أحاول محاربته، لفتات مضيئة وأخرى مظلمة؛ سوف تجد علاقات إنسانية - حيوانية، فيها القسوة وفيها المحبّة. إنّ وراء ظرافة الكتاب فجائعية عميقة، ومأساوية مضنية، وراء بساطته يكمن إدّخار معرفي متنوع وتوجّه فكري ثقيل. لقد كان الموقف الإنساني من الطبيعة على مدى عصور متطاولة إنعكاساً للموقف مما يدعى ما وراء الطبيعة، والآن تستدير الأحوال ليغدو الفهم الواقعي للطبيعة حاكماً على اللاهوت ومعلناً اضمحلال عالم الماوراء.