انطلق النقد الذاتي من "السياسة" ليصل إلى "الحضارة" لأن السقوط السياسي هو سقوط حضاري بالمعنى التاريخي، ولأن الحضارة هي "ميتافيزيقيا" السياسة إن صحْت العبارة.من هنا يجلو المفكر التونسي المرموق محمد الرحموني كيف ساهم النقد الذاتي بعد نكبة فلسطين 1948، بشكل فعال، في تأسيس المشاغل...
انطلق النقد الذاتي من "السياسة" ليصل إلى "الحضارة" لأن السقوط السياسي هو سقوط حضاري بالمعنى التاريخي، ولأن الحضارة هي "ميتافيزيقيا" السياسة إن صحْت العبارة. من هنا يجلو المفكر التونسي المرموق محمد الرحموني كيف ساهم النقد الذاتي بعد نكبة فلسطين 1948، بشكل فعال، في تأسيس المشاغل الفكرية التي سيتناولها الفكر العربي بعد نكسة 1967. فأفكار مالك بن نبي عن التاريخ سيستعيدها حرفياً هشام جعيط، وأفكار خالد محمد خالد عن الدين والكهانة سيعمقها صادق جلال العظم، وأفكاره عن الاشتراكية والإسلام سيجعل منها حسن حنفي مشروعاً إسلامياً يسارياً. أما ما كُتب عن بلاغة اللغة العربية فسيفضي مع هشام شرابي إلى لاحوارية اللغة العربية. وستستعيد نوال السعداوي ما كُتب عن المرأة العربية بجرأة وعمق. كما ستصبح الملاحظات المتفرقة عن النفسية العربية مشروعاً كاملاً لتحليل الذات العربية لدى علي زيعور. وباختصار، ستتحول سرديات النقد الذاتي بعد النكبة إلى مشاريع ثورية طرفاها: الأصالة والمعاصرة / العقيدة والثورة / أسلمة الحداثة وتحديث الإسلام… وليس ذلك سوى صورة أخرى من جدلية البداوة والحضارة في النقد الذاتي بعد النكبة.