"ما دفعني إلى كتابته ما نراه اليوم في عصرنا الحاضر من البلاء والمحن وتغَلُّبِ الفتن التي تعصف بالبلاد والعباد فتجد المرء محزوناً لا يكاد يجد راحة أو سعادة، فهو كالمركب في لُجِّ البحر تتقاذفه الأمواج وتعصف به الرياح، فما أحوجه إلى رُبّان حاذق يسير بالمركب المضطرب إلى بَرِّ...
"ما دفعني إلى كتابته ما نراه اليوم في عصرنا الحاضر من البلاء والمحن وتغَلُّبِ الفتن التي تعصف بالبلاد والعباد فتجد المرء محزوناً لا يكاد يجد راحة أو سعادة، فهو كالمركب في لُجِّ البحر تتقاذفه الأمواج وتعصف به الرياح، فما أحوجه إلى رُبّان حاذق يسير بالمركب المضطرب إلى بَرِّ الأمان.
وما يزيد في الطين بِلَّة ما نراه من التشاؤم الذي طغى على المسلمين عموماً، مع أن النبيﷺ كان يكره التشاؤم كما ثبت في الحديث الذي رواه ابن ماجة بسند صحيح وأحمد عن أبي هريرة ""كانَ النَّبيُّﷺ يُعجبُهُ الفَألُ الحسَنُ، ويَكْرَهُ الطِّيرةَ""، فعلى الرغم من ذلك تراهم في مجالسهم يحدثونك عن مستقبل قاتم وعن واقع مرير كئيب، وخطرٍ محدِقٍ، وعن الغلاء وانتشار الفقر، وعن الوباء وتكالب الأعداء، وعن كثرة المعاصي والفتن، وعن الخوف من المستقبل، مما يزيد في معاناتك ويزيد في همِّك وخوفك، ويعملُ على إحزانك، وهو ما يريده الشيطان لك وللمسلمين من حولك، ألم تر إلى قوله تعالى ""إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ لِيَحۡزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ""(المجادلة)، وهذا أيضاً دأبُ المنافقين الذين كانوا يُرجِفون في المدينة وينشرون الشائعات والأخبار السيئة ليوهنوا من عزيمة المؤمنين، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيﷺ أنه قال إذا قالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النّاسُ فَهو أهْلَكُهُمْ""، أي أنه هو الهالك الأكبر فيهم، وفي رواية فهو أهلَكَهم بفتح الكاف أي فهو الذي قال أنهم هالكون بينما حقيقة الأمر ليسوا كذلك."