عني هذا البحث بالكشف النقدي عن دور النص القرآني في الفكر الحداثي عند أدونيس، ويأتي ذلك تماشياً مع حقيقة أن النقد يعد مظهراً من مظاهر الرؤيا الحداثية العربية الراهنة، حيث يعبر عن إشكالات الحداثة الفعلية وعقباتها إلى جانب كشفه، بأنه ثمة وعياً متقدماً بضرورة إقامة حداثة...
عني هذا البحث بالكشف النقدي عن دور النص القرآني في الفكر الحداثي عند أدونيس، ويأتي ذلك تماشياً مع حقيقة أن النقد يعد مظهراً من مظاهر الرؤيا الحداثية العربية الراهنة، حيث يعبر عن إشكالات الحداثة الفعلية وعقباتها إلى جانب كشفه، بأنه ثمة وعياً متقدماً بضرورة إقامة حداثة عربية عميقة، تتجاوز الموروث ببعده الغيبي الممتد والآخر ببعده الاستبدادي، وهذا الأمر بالذات هو ما يحيل النقد إلى مطلب مهم للتأكيد على خصوصية الحداثة العربية الراهنة بعيداً عن الموروث والآخر؛ أي التأكيد على بعديها الحضاري والتاريخي، بحيث تصبح إشكالات الواقع وقضاياه الراهنة هي نقطة البدء في نقد الحداثة، ويحتل المقدس أو النّص القرآني ضمن هذا المنظور مرتبة أولى مع الموروث، بوصف هذا الأخير أول واقع شهد بدايات الاتصال بين الغيب والإنسان العربي ومراحل تأسيسه، ويمكن القول بأن نقد النص القرآني ضمن الموروث، يستمد مشروعيته من حقيقة أن إشكالات الحداثة العربية الراهنة، تعود إلى المرجعية الأولى للفكر العربي الماثلة في الغيب، لذا كان نقد النص القرآني تحت مسميات محددة كالمقدس والغيب والوحي غالباً في الكثير من الدراسات والبحوث النقدية للحداثة العربية الراهنة، ويعد أدونيس من الحداثيين الذين نقدوا النص القرآني دون أن يفصحوا عن مثل هذا الاتجاه صراحة، حيث يعد النص القرآني في هذه الحالة جزءاً من الموروث الممتد كإشكال أو عقبة دون تحقيق حداثة عربية فعلية؛ أي أنه يعد عاملاً مؤثراً في التأسيس للاتباعية في الفكر العربي المناهضة بدورها لأي اتجاه حداثي، حيث كانت الرؤيا الإنسانية النابعة من الغيب أو النص القرآني، عند أدونيس غالبة على واقع الإنسان العربي معززة ضمن هذا الدور لمظاهر القبول والتسليم والانغلاق.