إن البحث في تاريخ العراق القديم ومدن الساحل الفينيقي وحضارتهما يوضح أكثر من أية بقعة أخرى في الشرق الأدنى القديم, أن هذين الإقليمين من المشرق جسّدا التفاعل الحضاري الذي عبر عن حركةٍ قلّ نظيرها في بقية أنحاء العالم القديم , كونهما مهداً للحضارة وميداناً لتلاقي الثقافات...
إن البحث في تاريخ العراق القديم ومدن الساحل الفينيقي وحضارتهما يوضح أكثر من أية بقعة أخرى في الشرق الأدنى القديم, أن هذين الإقليمين من المشرق جسّدا التفاعل الحضاري الذي عبر عن حركةٍ قلّ نظيرها في بقية أنحاء العالم القديم , كونهما مهداً للحضارة وميداناً لتلاقي الثقافات واحتكاك الشعوب التي ظهرت في الشرق الأدنى القديم, لذلك فهما يشغلان من منظور التاريخ السياسي والحضاري مكاناً تجاوز حدود منطقة الشرق الأدنى القديم ليصبحا حلقة أساسية في تاريخ الإنسانية , فمنذ أن وُجدا في هذا الجزء المتميّز من الشرق , أخذت كلتا المنطقتين تواجه قوى الدول والممالك الطامعة , وذلك لأن الموقع الإستراتيجي الاقتصادي لهما كان يغري القوى المجاورة بالتحرّك والتوسع والاعتداء , فقد شهدت المنطقة برمتها في الألف الثاني قبل الميلاد صراع القوى الكبرى حينذاك لفرض سيطرتها على المنطقة التي كانت من أهم الأسباب الباعثة على النشوء الحضاري والتحوّل السكاني.