يُعدُّ العام 1918 نقطة تحوُّل واضحة في تاريخ الوطن العربي، ولا سيَّما في التطوُّرات السياسية بسورية وفي طبيعة السياسة البريطانية تجاهها؛ لأنَّ في هذا العام انتهاء الحرب العالمية الأولى، وخروج سورية من السيطرة العثمانية التي دامت أكثر من أربعمائة عام، وهو أيضاً تاريخ دخول...
يُعدُّ العام 1918 نقطة تحوُّل واضحة في تاريخ الوطن العربي، ولا سيَّما في التطوُّرات السياسية بسورية وفي طبيعة السياسة البريطانية تجاهها؛ لأنَّ في هذا العام انتهاء الحرب العالمية الأولى، وخروج سورية من السيطرة العثمانية التي دامت أكثر من أربعمائة عام، وهو أيضاً تاريخ دخول القوَّات البريطانية والعربية إلى دمشق. وكان فيصل بن الحسين يقود الجيش العربي، الذي خرج من الحجاز لتحرير سورية، وإقامة أوَّل دولة عربية مستقلَّة في آسيا. وبدخوله إلى دمشق يبدأ تاريخ هذه الدراسة ليعالج تاريخاً خطيراً على مستقبل العرب، ما تزال آثاره تعمل حيَّة حتَّى الآن وكأنَّها وُلدت أمس، مع أنَّها حدثت ما بين 1918 و1920. وإذا كان عام 1918 يشكِّل بدء الحقبة المخصَّصة للدراسة فإنَّ عام 1939 يمثِّل نهاية لها، الذي سُلبت فيه سورية لواؤها (لواء الاسكندرونة)، وضُمَّ لتركيا بشكل نهائي في 23 حزيران 1939، كذلك شهد هذا العام بداية وقوع الحرب العالمية الثانية. لا شكَّ في أنَّ السياسة البريطانية تجاه سورية إزاء الحقبة (1918-1939) يُعدُّ موضوعاً مهمّاً، له مسوِّغاته الموضوعية لاختياره للدراسة، ولا سيَّما إذا علمنا أنَّ هذه الحقبة تميَّزت بالمتغيرات السريعة والتناقضات الواضحة؛ بسبب التطوُّرات السياسية الكبيرة، والتغيُّرات في موازين القوى العربية والإقليمية والعالمية، وكذلك شهدت تطوُّراً في الأفكار والتيَّارات الوطنية المناهضة للاستعمار، لذا فإنَّ دراسة السياسة البريطانية تجاه سورية تكسب أهميَّة خاصَّة بالنسبة إلى تاريخ سورية.