وإذا كان القرآن الكريم هو الوعاء المتضمن لكل مقومات الأمة وعوامل استمرارها، فإن علماء الأمة بمختلف مشاربهم، مفسرين وأصوليين وفقهاء ولغويين، قد وضعوا “لقراءة” القرآن ولتأويل المتشابه من القواعد والضوابط اللغوية والعقدية ما يحصنه من كل المزالق، فإن الملاحظ في فلسفة...
وإذا كان القرآن الكريم هو الوعاء المتضمن لكل مقومات الأمة وعوامل استمرارها، فإن علماء الأمة بمختلف مشاربهم، مفسرين وأصوليين وفقهاء ولغويين، قد وضعوا “لقراءة” القرآن ولتأويل المتشابه من القواعد والضوابط اللغوية والعقدية ما يحصنه من كل المزالق، فإن الملاحظ في فلسفة التنوير الغربي– الوضعية المادية العلمانية وحداثتها – قد جعلت قراءة النصوص ومنها النصوص الدينية مرتعا خصبا لكل القراء، ولجميع القراءات، حتى أصبحت هذه التأويلات الغربية لونا من العبث بالنص الديني، الأمر الذي أدى عند استخدام هذه المناهج في التأويل إلى تفريغ النص الديني من محتواه، إن هذا الحصن القرآني الذي يحول بيننا وبين الوقوع في ذلك المنزلق هو ما يحاول أن يهدمه الحداثيون بكل ما أوتوا من إمكانات مادية وشعارات إغرائية، والبحث يريد أن يكون لبنة أمام هذا الحصن يكشف عن القضية وجذورها وأخطارها، ويلفت النظر إلى نتائجها وآثارها، ومن أهم هذه الأفكار التي سنقف عند معالجتها مسألة مناهج التحليل اللغوية المعاصرة للخطاب القرآني، والتي تأتي ضمن الأفكار الوافدة، الهدف منها إقصاء القرآن الكريم عن موقع القيادة في حياة الأمة المسلمة، وتعويضه بإيديولوجيات مزيفة، لقد تم اختيار هذا الكتاب للاشتغال عليه بمنهج واضح يتمثل في عرض أفكار أصحاب الحداثة ومناقشتها وتحليلها، ثم نقدها وبيان الخلفية الناظمة والمؤسسة لها، والغرض من هذه الخطوات هو تتبع الأفكار ومساءلتها، ملتمسا أهداف الخطاب وطبيعة المحتوى المعرفي له وسياقات عرضه وظواهره الشكلية، ثم بيان أسلوب الاستدلال على القضايا التي عرضت، والنتائج المتوصل إليها، وضمن تحليل الأهداف نرصد مدى صدق المحتويات من زيفها، ليتقرر في آخر التحليل هل كان مجال اشتغال هؤلاءسليما من جهة المعرفة؟ وهل كان استدلالهمرصينا منتجا لأهدافه التي خطط لها ؟.