يقوم تاريخ العصور الوسطى على عدة ظواهر تاريخية، من أهمها ظهور الإسلام في الجزيرة العربية، واعتناق العرب الإسلام، والتوسع العربي الإسلامي الكبير منذ القرن السابع الميلادي. حيث خرج العرب المسلمون من شبه الجزيرة وأنشأوا حضارة جديدة هي أبهى حضارات العالم في العصور الوسطى،...
يقوم تاريخ العصور الوسطى على عدة ظواهر تاريخية، من أهمها ظهور الإسلام في الجزيرة العربية، واعتناق العرب الإسلام، والتوسع العربي الإسلامي الكبير منذ القرن السابع الميلادي. حيث خرج العرب المسلمون من شبه الجزيرة وأنشأوا حضارة جديدة هي أبهى حضارات العالم في العصور الوسطى، لها طابعها الخاص، هو طابع الإسلام واللغة العربية، وهذه الحضارة الإسلامية التي بلغت أوج كمالها في القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين) هي التي جعلت العصور الوسطى عصورًا مضيئة، ومَنْ يغص في أعماق الحضارة العربية الإسلامية وما حققته للبشرية من وسائل التقدم وعوامل الازدهار، ويلم بما ابتدعه الفكر العربي الإسلامي من مفاهيم ونظريات تناولت أهم معضلات ذلك العصر، يدهشه مدى عمق التفكير الذي بلغه العلماء العرب المسلمون، ويتضاعف اعجابه بهذا الفيض الزاخر من الأفكار العظيمة التي جاد بها الفكر العربي الإسلامي، فلم يحدث في تاريخ الحضارات القديمة والحديثة أن تألق الفكر الحضاري، وبلغ أوج عظمته في فترة قصيرة جدًا من الزمن كالفترة التي ولد فيها الفكر العربي الإسلامي ونما وتطور وأدرك معظم أسرار الحياة، وسبر أغوار المجتمع وأنظمته، وهذا الكتاب يبرز اسهامات النهضة العربية الإسلامية في العصر الوسيط، ثم ما حدث لها من انتكاسات داخلية وخارجية أصابتها في مقتل، حيث يجد القارئ استعراضًا لجوانب تألق الحضارة الإسلامية مع الوقوف على أبرز مظاهرها الفكرية في انتشار المكتبات الشخصية في الأندلس. بالإضافة إلى بحوثًا عن علماء هذه الحضارة الذين أضاءوا جنبات العالم، تناولت القيادة الإدارية في فكر الفارابي، والمنهج العلمي عند البيروني، وصولاً إلى الانتكاسات متمثلة في الغزو المغولي كصفحة دموية في تاريخ الحضارة الإسلامية، وانتهاءً بالتراث العربي المخطوط الضائع.