لقد اتفق مؤرخو الأديان على أن الانقسام إلى فرق ومذاهب لم تسلم منه أي ديانة من ديانات العالم، فكان من الضروري أن تظهر في جميع الأديان والمذاهب والفِرَق تعبيرا عن الاختلاف في الرأي، والتنوع في البيئات والثقافات في أي مجتمع بشري. واليهودية ليست استثناءً، ولربما كانت اليهودية...
لقد اتفق مؤرخو الأديان على أن الانقسام إلى فرق ومذاهب لم تسلم منه أي ديانة من ديانات العالم، فكان من الضروري أن تظهر في جميع الأديان والمذاهب والفِرَق تعبيرا عن الاختلاف في الرأي، والتنوع في البيئات والثقافات في أي مجتمع بشري. واليهودية ليست استثناءً، ولربما كانت اليهودية أكثر الديانات انقساماً وانشقاقا مقارنة بالأديان الأخرى. وقد بدأ تفرقهم إلى شِيع عَقِب موت موسى عليه السلام حيث افترق بنو إسرائيل إلى فرقتين، ثم مع مرور الزمن طفت إلى السطح فرق كثيرة من بينها فرقة القرائين التي تميزت تميزا كبيرا عن بقية اليهود وخاصة الغالبية المتمثلة في الربانيين التي أضافت بموازاة مع التوراة إضافات سميت بالتلمود وهو تراث شفهي أعطي للنبي موسى في طور سيناء وتناقله الأنبياء فالحاخامون إلى أن دُون في الفترة الواقعة بين القرن الثالث والقرن السادس للميلاد، لكن اليهودية القرائية رفضته واقتصرت على التوراة باعتبارها المصدر الوحيد للفكر الديني اليهودي ولتشريع الفرائض. وعندما ظهر الإسلام واتسعت الفتوحات الإسلامية لم يقف تأثير الحضارة العربية الإسلامية على من دان به، وإنما تجاوز الأمر إلى مجتمعات أخرى، وبما أن فرقة القرائين انبثقت في ظل المجتمع هذه الحضارة الجديدة، فإنها اعتبرت واحدة من بين المتأثرين بها. وقد اعترف القراؤون والربانيون معا بفضل العرب والمسلمين عليهم في تطور علومهم وحياتهم الثقافية. لهذا كان لزاما علينا أن نتلمس بعض مظاهر هذا الفضل مكتفينا في ذلك بفرقة القرائين.