أنّ تنامي النزعة الإنسانية ليس حديث العهد، بل يمتدّ حتى مع الإغريق، إلاّ أنّ هذا العمل السابق لأوانه لم يكن مُقتحماً وفقاً لمنهجية تتخذ من الخطاب جوهراً لفهم الإنسان وعلومه، وباختصار شديد، شكّلت العلوم الإنسانية للقرنين السابع عشر والثامن عشر القاعدة الأساسية التي صنعت...
أنّ تنامي النزعة الإنسانية ليس حديث العهد، بل يمتدّ حتى مع الإغريق، إلاّ أنّ هذا العمل السابق لأوانه لم يكن مُقتحماً وفقاً لمنهجية تتخذ من الخطاب جوهراً لفهم الإنسان وعلومه، وباختصار شديد، شكّلت العلوم الإنسانية للقرنين السابع عشر والثامن عشر القاعدة الأساسية التي صنعت من الخطاب بداية لفهم الممارسات للقرن الحديث والمعاصر الكيان العلمي والفلسفي. يبدو أنّ سيرورة هذا العمل وخروجه من القوة إلى الفعل مع ميشال فوكو(Michel Foucault) (1926-1984)، شكّل بداية الاهتمام في أوساط علماء الاجتماع، والأنثروبولوجيا معًا..، حيث رافقته صيحات دوّت في الآفاق مُروِّجة بميلاد الإنسان وموته كموضوع وذات بعد أنْ تم تشييئه وتغييبه من الوجود والفكر. ولحسن الحظ، أنّ بروز علماء وفلاسفة أخذا على عاتقهم دراسة موضوع الإنسان وهمومه ومصيره، أحال عن الإحباط الذي كان يتخلل العلوم الإنسانية بفرضها للتحدّي، جعلها تُسقط لكل المحاولات الفوضوية، كلّ هذا كان باستنادها إلى استراتيجيات لفعل الممارسة الحقيقية للخطاب. غير أنّ هذه الصيحات لميلاد عهد جديد، لم يكتب لها البقاء والاستمرارية باعتبار أنّ الإنسان نموذج حديث العهد، وهو ما ينبئ بتشتتها كونها علومًا فهمية، ولاسيمّا أنّ موضوعها قريب من الدنّو من الاضمحلال.