يستحوذ هوى السلطة على الجميع، حتى تكاد تتحول إلى واحدة من الرغبات الأساسية (الغريزية). فكل فرد (كائن بشري) يسعى لتكون له دائرة تأثيره وتحكّمه، أي مجال سلطته، بدءاً من الطفل الذي يتملق والديه، أو يشاكس من أجل الحصول على الاهتمام، وحتى السلطة السياسية أو الدينية التي ترمي إلى...
يستحوذ هوى السلطة على الجميع، حتى تكاد تتحول إلى واحدة من الرغبات الأساسية (الغريزية). فكل فرد (كائن بشري) يسعى لتكون له دائرة تأثيره وتحكّمه، أي مجال سلطته، بدءاً من الطفل الذي يتملق والديه، أو يشاكس من أجل الحصول على الاهتمام، وحتى السلطة السياسية أو الدينية التي ترمي إلى التحكم من خلال خلق الأجساد الطيّعة وترويض الإرادات. والإنسان لا يني يفكر بالسلطة. فالسلطة موجودة، بعدِّها علاقات قوى، ومجالات تأثير ونفوذ وآليات تحكم وسيطرة. فكل ما ينزع إلى التحكم والسيطرة، بأي شكل، هو سلطة، أو مشروع سلطة. وليس من السهل التحرر من تحكم السلطة. فطالما أن هذا التحكم يتخذ صيغاً وآليات ومسارات غاية في التعقيد والتخفي، فإن الذات، غالباً ما، تجد نفسها واقعة في قبضة سلطة معينة، أو خاضعة للقواعد التي وضعتها السلطة من أجل مصالحها وضمان ديمومتها. والمثقف، أو المفكر، في هذا السياق، وبهذا المعنى يتحول نفسه، إلى طالب سلطة، أو سلطة، على هدي خياراته ومواقفه. إن عمل المثقف ( الممانع ) وهو يدس أنفه في الشأن السياسي في سبيل المثال، أن يحدّ، ما أمكن، من غلواء السلطة. وأن يفضح آلياتها التي تمارس من خلالها القهر والقمع. ولاسيما تلك الخفية والمواربة، ليوسع مجال تأثيره هو (المثقف/ المفكر )، أي سلطته. فالسلطة السياسية، كما هو شأن السلطات القمعية الأخرى ، تحاول الاستحواذ على مجالات السلطات الأخرى واستثمارها في التأثير والتحكم والسيطرة بالشكل الذي يحقق لها أهدافها المعلنة والمستترة، ومصالحها الخاصة.