إن أعمال محمد أركون لم تستطع التخلص من الطروح التبشيرية والاستشراقية القديمة، بل إنه قد أضاف إلى تلك الطروح أسلوباً استفزازياً مليئاً بالقدح والتجريح والقذف، ما ينمّ عن العجز عن تقديم البديل، مع الركون إلى التّكرار و«التبشير» بالعلوم الإنسانية والقراءة الحداثية بعيداً...
إن أعمال محمد أركون لم تستطع التخلص من الطروح التبشيرية والاستشراقية القديمة، بل إنه قد أضاف إلى تلك الطروح أسلوباً استفزازياً مليئاً بالقدح والتجريح والقذف، ما ينمّ عن العجز عن تقديم البديل، مع الركون إلى التّكرار و«التبشير» بالعلوم الإنسانية والقراءة الحداثية بعيداً عن ضوابط القراءة مع الغفلة عن الخصوصيات التاريخية والفكرية، ما يجعل كل أعمال أركون عن الفكر الإسلامي نموذجاً ممتازاً للفكر الإسقاطي البعيد عن الضوابط المنهجية المراعاة في العلوم الإنسانية عامة، خاصة إذا أدركنا طغيان النزعة النسبية لديه، والتي تكرسها الرؤية العلمانية التبسيطية للأديان. ولا شك في أن هذا الكتاب يضعنا أمام تلك المشكلات، التي برزت منذ أواخر القرن العشرين إلى الصدارة، وأصبحت لا تقل أهمية عن القضايا السياسية أو الاقتصادية، إنها المشكلات الحضارية التي يشكل الدين والهوية والقيم أهم تجلياتها، حتى صارت السنوات الأخيرة من القرن العشرين وهذه السنوات العجاف الأولى من هذا القرن سنوات صراع القيم والمفاهيم الأخلاقية والسياسية، ما يتطلب ضرورة التسلح برؤية فلسفية، ومنهجية نقدية قادرة على التمييز بين الصريح والمضمر، وبين العلمي والآيديولوجي، فيما تعج به الساحة الثقافية والإعلامية والتربوية والسياسية من خطابات ومشاريع إيديولوجية.