يعالج هذا الكتاب فترة غامضة ومحزنة وغريبة من تاريخ مدينة دمشق، فترة حكم البربر والبدو والقرامطة وتحكمهم بهذه الحاضرة العريقة، حيث خضعت لهجومهم ونهبهم وتدميرهم وإحراقهم لها، ولكن إرادة الحياة لدى سكان دمشق في ذلك الوقت هي الأغرب، وذلك خلال تمسكهم بمدينتهم، ودفاعهم...
يعالج هذا الكتاب فترة غامضة ومحزنة وغريبة من تاريخ مدينة دمشق، فترة حكم البربر والبدو والقرامطة وتحكمهم بهذه الحاضرة العريقة، حيث خضعت لهجومهم ونهبهم وتدميرهم وإحراقهم لها، ولكن إرادة الحياة لدى سكان دمشق في ذلك الوقت هي الأغرب، وذلك خلال تمسكهم بمدينتهم، ودفاعهم المستميت عنها،وبحال غياب الزعامة الوطنية الرسمية نرى أنه من عمق الفقر والجهل، من صفوف طبقة العامة التي لا تعرف إلا دمشق ومحبة دمشق، تبرز شخصيات شعبية قادرة على قيادة الناس البسطاء، وبأقل قدر ممكن من التنظيم والتسليح تحقق انتصارات، وتظهر مواقف لا تنسى وبطولات، قد تبدو بلا جدوى، لأبطال مجهولين، قتلوا على أسوار دمشق، أو في أزقتها، لم يطلبوا حكماً، ولم يعرفوا السياسة قط، بل آمنوا بدمشق ودافعوا عنها بأرواحهم، وربما كان من دواعي اهتمامي بهذا الكتاب أنه التفت إلى الطبقة الشعبية في دمشق فدوّن ما تجاهله التاريخ طويلاً، إضافة إلى إجادته احتواء الحدث التاريخي ضمن زمانه وفي حيز مكانه، إضافة إلى تناوله الموفق لموقع دمشق ومناخها وسكانها، واستعراضه لعمرانها بشقيه المدني والديني، وفي أثناء بحثه في أحوال الاحتلال الفاطمي لدمشق نراه يدخل عمق تاريخ هذه المدينة مع تناوله لتنظيم الأحداث فيها، ثم يفصل نواحي الإدارة الفاطمية بدمشق، ويتعرض للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فيها، وللأسواق التجارية والنقود المتداولة، ولفئات المجتمع وملابسها، وطعامها وأعيادها، كذلك يستعرض الثقافة والآداب والعلوم، وباختصار إنها دمشق، مرآة بلاد الشام، والبحث في تاريخ دمشق هو صورة معبرة عن الشام كلها.