لنُبادر إلى طَمْأنَة القارئ، فهُو مُقبل على قراءة كتاب شيِّق يتعلَّق – لا محالة – بعلْم التّفسير؛ وهُو علم يقتضي الإلمام به معارف دقيقة، إلاَّ أنَّه – بكُلِّ تأكيد – ليس كتاباً في التّفسير يُضاف إلى التّفاسير التي يضعها عُلماء الدِّين. هُو كتاب يستعصي على التّصنيف بحسب...
لنُبادر إلى طَمْأنَة القارئ، فهُو مُقبل على قراءة كتاب شيِّق يتعلَّق – لا محالة – بعلْم التّفسير؛ وهُو علم يقتضي الإلمام به معارف دقيقة، إلاَّ أنَّه – بكُلِّ تأكيد – ليس كتاباً في التّفسير يُضاف إلى التّفاسير التي يضعها عُلماء الدِّين. هُو كتاب يستعصي على التّصنيف بحسب المعايير المَدْرسيَّة، ولعلَّنا لا نتعسَّف عليه تعسُّفاً كبيراً إنْ اعتبرنا أنَّه أقرب ما يكون إلى الإناسة التّاريخيَّة. وهُو – إلى جانب ذلك – مكتوب بلُغة أنيقة راقية مُمتعة تشدُّ القارئ شدَّاً، وتُحلِّق به – برفق وأناة – في دُنيا الظَّنِّ والأُسطُورة مثلما تجول به في قضايا الفكْر والمُجتمع ومجالات العقائد والمشاعر، وتنتقل به – من حيثُ لا يتوقَّع – في الزّمان والمكان، من فترة البدايات إلى عصر المُفسِّرين، وبين بيئات العَرَب، واليهُود، واليُونان، والهُنُود، وغيرهم، ثُمَّ هُو كتابٌ طريفٌ من حيثُ رَبْطُه بين عناصر مُستقلّ في الظاهر بعضها عن بعض؛ حيثُ يطَّلع عليها قارئ التّفسير الغُرّ، والذي ليست له هواجس وحيد السّعفي المعرفيَّة وسَعَة اطِّلاعه على تُراث الشُّعُوب، وعلى اتِّجاهات البحث المُعاصر ومنهاجه.