إنه لمن الملفت أن تبقى شخصية فذَّة كالشيرازي (التقت عندها مجمل تيارات الفكر الإنساني، وتجسدت في عبقريتها كل التوجهات الفكرية والفلسفية واللاهوتية، والنوازع الدينية والروحية) مغمورة كل هذا الزمن، وإنه لمن الغريب كذلك أن لا يتم إستثمار آفاقه الرحبة واستلهامها، والإنتفاع...
إنه لمن الملفت أن تبقى شخصية فذَّة كالشيرازي (التقت عندها مجمل تيارات الفكر الإنساني، وتجسدت في عبقريتها كل التوجهات الفكرية والفلسفية واللاهوتية، والنوازع الدينية والروحية) مغمورة كل هذا الزمن، وإنه لمن الغريب كذلك أن لا يتم إستثمار آفاقه الرحبة واستلهامها، والإنتفاع منها في كل مراحل تفكيرها الذي تلا حضورها، والعمل الذي بين أيدينا، والذي يأتي في السياق عينه للباحث الأستاذ صادق المسلم في محاولة رصد ملامح الفكر الفلسفي لملا صدرا، وفي الكشف عن الميزات الفكرية الإبداعية التي يحفل بها نتاجه، وفي إبراز الملامح الفنية والخصبة لتجربته العقلية. وهو إذا اختار النفس موضوعاً لبحثه فلأن هذا الموضوع على وجه الخصوص، وحسب ما أرى، كان أحد عالم عبقرية الشيرازي وتألقه، ومناحي إبتكاره وتفرده، وجوانب نجاحه وتجديده، ولقد اجتمعت في هذا المورد من موارد فكره جملة كبيرة من ملامحه الشخصية ومميزاته، ومجموعة وافرة من خصاله وملكاته وبرزت في ثناياه قدراته وإمكاناته العقلية والروحية، وتبدت طرائق إشتغاله الفلسفي وتأمله وتنظيره الأكثر أصالة وعمقاً.