تسعى هذه الدراسة الموسومة بـ(شعرية القصة القصيرة جدا) إلى محاولة كشف المكونات الفنية للقصة القصيرة جدا، متخذة من النص ومساءلته مساراً لتحديد أسسها المغايرة التي قادتها إلى أن تكون نوعاً أدبياً فرعياً، ومثلما تمتلك القدرة على الحضور بالإمكانات التعبيرية والجمالية الخاصة...
تسعى هذه الدراسة الموسومة بـ(شعرية القصة القصيرة جدا) إلى محاولة كشف المكونات الفنية للقصة القصيرة جدا، متخذة من النص ومساءلته مساراً لتحديد أسسها المغايرة التي قادتها إلى أن تكون نوعاً أدبياً فرعياً، ومثلما تمتلك القدرة على الحضور بالإمكانات التعبيرية والجمالية الخاصة بها، فهي تمتلك القدرة على إثارة الأسئلة وتشخيص محدداتها وإستنطاق كوامنها، وقد تأسس اختيارنا لموضوع الدراسة على جملة من المسوغات يرتبط الذاتي فيها بالموضوعي.
أما الذاتي فهو متابعتنا الشخصية لهذه الكتابات القصيرة جدا، وما لحقتها من هواجس قرائية أخذت تحمل معها أسئلة ما، وبقيت هذه الأسئلة ثاوية في الأعماق تنتظر فاعليتها المشروعة، فسعت هذه الرسالة إلى تفعيلها بعدما ظلت تتحين الفرص التي تسمح لها بالنهوض، ومن المفيد أن يأتي هذا النهوض أكاديميا ليقوّمها من الهنات التي تعتريها فيما لو كتبت خارج هذا المنهج.
وقد سعينا إلى التمحيص والمناقشة في داخل القصص ذاتها وتعميق الآراء والتأملات والإستنتاجات التي تخدم مساراتها، بوصفها نوعاً أدبياً فرعياً يجرب ويجتهد كتابه في كشفه وإخفائه وتكثيفه ودلالاته في أربعة فصول.
وفي الفصل الأول تتبعنا مفاهيم الشعرية وتحولاتها وتبنينا مفهوماً يتناسب مع دراستنا بوصفه (قوانين الخطاب الأدبي)، إذ تقصينا الوعي اللغوي الذي يتحكم في عناصر وتقانات القصة القصيرة جداً، وتحليل ذلك الوعي بفاعلية قرائية تتناسب ومراوغة هذا النوع من القص، أما الفصل الثاني (إشكالية التجنيس) فقد اشتمل على ثلاثة مباحث، تتبعنا في المبحث الاول (مفهوم النوع الأدبي)، وجاء المبحث الثاني (جذور القصة القصيرة جداً).
واشتمل الفصل الثالث (عناصر القصة القصيرة جداً) على ثلاثة مباحث أيضاً، جاء الأول (الحكائية)، وجاء المبحث الثالث (اللغة)، أما الفصل الرابع (تقانات القصة القصيرة جداً) فقد اشتمل على ثلاثة مباحث، توفرت في المبحث الأول (المفارقة)، ثلاثة أنماط (المفارقة اللفظية، والمفارقة الدرامية، والمفارقة الملحوظة).
أما المبحث الثاني (التناص) فقد اشتمل بدوره على نمطين (تناص العنوان، وتناص المتن)، وتوزعت قراءة الإستهلال في البحث الثالث (الإستهلال والخاتمة) على مدارين: نفسي يستقبل العلامة ويحولها في تتابع قرائي إلى معنى، وتوليدي يحفز بؤرة الأفعال سردية لتوليد أفعال أخرى.