يحظى مصطلح "التشكيل السردي" من حيث المفهوم والإجراء بأهمية بالغة من لدن معظم الباحثين والنقاد والدارسين في حقول المدونة السردية الحديثة المتعددة، لما لــ"التشكيل" - على الصعيد الإصطلاحي والمفهومي - من قوة حضور وإغراء دفعت الكثير منهم إلى إستعماله والإشتغال على آفاقه، على...
يحظى مصطلح "التشكيل السردي" من حيث المفهوم والإجراء بأهمية بالغة من لدن معظم الباحثين والنقاد والدارسين في حقول المدونة السردية الحديثة المتعددة، لما لــ"التشكيل" - على الصعيد الإصطلاحي والمفهومي - من قوة حضور وإغراء دفعت الكثير منهم إلى إستعماله والإشتغال على آفاقه، على النحو الذي أضحى اليوم بحاجة إلى نوع من التأصيل الذي لا يتيه في فضاءات النظرية وتتكسّر أطرافه عند حدودها، بالرغم من صعوبة المهمة إذ إن المصطلح على هذا النحو المفتوح لا يمكن حصره في حاضنة إصطلاحية محددة تستجيب لآفاقه المفهومية بسهولة ويسر، لذا سيكون التأصيل منطلقاً من حقيقة لا مجال للتغاضي عنها أو نكرانها مطلقاً، تتمثّل بخصب المصطلح، وقوّة زخمه المفهومي، وتعدديته، ومرونته، وحساسيته معطياته وتنوّعها. تشتغل رؤيتنا الإصطلاحية للتأصيل هنا على البحث المفهومي في مفاصل مركزية تقارب حدود هذا المصطلح من حيث إقتراح شبكة مداخل للبحث والتقصّي والمعالجة، فبحثنا في مدخل "التشكيل: مقاربة إصطلاحية" المظاهر العامة التي يمكن الإستناد إليها لإنجاز مهمة الإقتراب من الحدود المفهومية العامة للمصطلح، ثم انتقلنا إلى معالجة العلاقة الجوهرية بين "التشكيل والرؤيا" بوصفها علاقة مشجعة على تفعيل المصطلح من خلال الرؤيا تفعيلاً إبداعياً يدعم المصطلح بمشروعية إجرائية عميقة، تتمثل في طغيان سلطة الرؤيا على جلّ الأعمال الأدبية التي لا تحتاج إلى تأسيس خطابها إلا إلى التشكيل. من هنا، أصبح العلاقة الفعّالة بين "التشكيل وعضوية الخطاب" أساسية في تنظيم العلاقة الإجرائية الضرورية بين الخطاب والتلقي، إذ يتقدّم الخطاب إلى فضاء التلقي وهو مزودّ بكلّ المستلزمات والإمكانات والعناصر والمكوّنات التي تساعده راية التشكيل على تحقيق التفاعل مع مجتمع القراءة، من أجل أن تستكمل شروط حياة الخطاب بين فضاء التشكيل وفضاء التلقي. ثم تخرج مقاربتنا إلى نوع تشكيلي يتناسب مع الجنس الأدبي، إذ لكلّ جنس أدبي طرازه التشكيلي الخاص به، الذي يلتقي في الحدود المفهومية العامة مع أنواع التشكيل الأخرى، غير أنه يفترق عنها بالقدر الذي تفرض فيه تقاليد الجنس الأدبي الواحد إشتراطاتها النوعية على بنية المصطلح، وشرعنا في مشروع هذا الكتاب - وعلى نحو مخصوص - التأسيس ضمن هذا الأفق لمصطلح "التشكيل السردي"، وهو يتمظهر - إجرائياً - عبر نوعيه المركزيين القصة القصيرة والرواية.