يرتبط موضوع هذا البحث بالبلاغة القرآنية عامة، وبتفسير "روح المعاني" للألوسي خاصة. نترصد من خلاله الإعجاز والبلاغة القرآنية وتجليهما في القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي. ومن هنا تأتي أهميته؛ لكونه يبحث في آخر ما وصل إليه التفكير في القرآن الكريم ومباحثه، معتبرا...
يرتبط موضوع هذا البحث بالبلاغة القرآنية عامة، وبتفسير "روح المعاني" للألوسي خاصة. نترصد من خلاله الإعجاز والبلاغة القرآنية وتجليهما في القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي. ومن هنا تأتي أهميته؛ لكونه يبحث في آخر ما وصل إليه التفكير في القرآن الكريم ومباحثه، معتبرا في ذلك التراث المعرفي الذي خلفه العلماء السابقون عبر القرون الطويلة، والذي رجع إليه الألوسي ودرسه ومحصه في تفسيره تمحيصا دقيقا. واستفاد منه استفادة واسعة. وضعنا في اعتبارنا أثناء عملنا في هذا البحث سؤالا جوهريا: كيف درس الألوسي الإعجاز والبلاغة في تفسيره: "روح المعاني" ؟. وهذا السؤال اعتبرناه إشكالية، عملنا على حل جميع عناصرها عبر فصول البحث ومباحثه. من خلال الدراسة والبحث تبين أن الألوسي ينظر إلى الإعجاز والبلاغة نظرة مخالـفة عن سابـقـيه ـلأسباب ثقافية شخصية ـ فهو يدرس الإعجاز القرآني باتباع منهج الفلسفة والمنطق من خلال مباحث: الخطابة، والبرهان، والقياس، والجدل؛ ويتجلى ذلك واضحا في تصريحه بذلك في ثنايا التفسير. إن هذا المنهج الحجاجي هو ما فتئ هذا البحث يدافع عنهـ بتوضيحه وتبيينه ـفي المباحث كلها. والحقيقة التي أردنا إثباتها هي أن الألوسي ليس مفسرا فحسب وإنما هو بلاغي أيضا يوظف مباحث البلاغة في تفسيره لإقناع المتلقي في عصره الذي طاله الشك في قدرة الشريعة الإسلامية على مواكبة العصر الذي أظهر فيه الغرب قوة في مختلف المجالات: الاجتماعية، والسياسية، والصناعية، والاقتصادية، والعسكرية. منبها هذا المتلقي إلى أن الخرافات والتخلف والابتعاد عن الدين هو الذي خول للآخر الغلبة على المسلمين، ومن ثمة فالألوسي ينادي بعدم إفراغ الدين من محتواه وإعادة الروح إليه ليجيب عن كل التساؤلات ويحل جميع الإشكالات ويمكن المسلمين من استرجاع العصور الذهبية التي ضاعت وولت.