تزعم ميتشل في الكتاب أن العودة الى الماضي الفكتوري نهاية القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة أبعد بكثير من مجرد(لعبة تلبيس القرن التاسع عشر لغرض استهلاكي بحت)، ذلك أن روايات الخيال الفكتوري الجديدة تنخرط نقديا مع الماضي من خلال تحويل التركيز من مَشْكلة ما بعد الحداثة لكل...
تزعم ميتشل في الكتاب أن العودة الى الماضي الفكتوري نهاية القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة أبعد بكثير من مجرد(لعبة تلبيس القرن التاسع عشر لغرض استهلاكي بحت)، ذلك أن روايات الخيال الفكتوري الجديدة تنخرط نقديا مع الماضي من خلال تحويل التركيز من مَشْكلة ما بعد الحداثة لكل ولأي معرفة تاريخية، إلى أهمية الاستمرار في السعي لمثل هذه المعرفة (حتى المتنازع عليها) بوسائل جديدة لتسهيل العثور على المعرفة.وبينما تطرح تلك الروايات وعياً ساطعاً بالاشكاليات المتضمنة في تقصي المعرفة التاريخية وتحقيقها، إلا أنها تبقي ملتزمة بإمكانية وقيمة السعي وراء تلك المعرفة. وأشد ما يشغل تلك الروايات هي الطرق التي يمكن بها للرواية أن تزعم معرفة الماضي، جزئيا ومؤقتا، بدلاً من الطرق التي تزعم عدم إمكانية ذلك. تشكل هذه النقطة خروجاً عن الكثير من أطروحات الرواية التاريخية المعاصرة والتي تركز، تبعا لنموذج ما وراء القص التاريخي المؤثر لليندا هتشيون، على قضايا مثل الطرق التي تُمشْكل بها تلك الروايات تمثيل الماضي وتبرز إلى الواجهة صعوبات تحقيق المعرفة التاريخية. وهكذا فإن هذه الدراسة تسعى لرسم إطار أوسع من ما وراء القص التاريخي ذاته ويتناول أيضاً بعض جوانب الفيكتورية الجديدة التي ساهمت في تعزيز ثم توسيع وتحويل هذا الجنس الأدبي الفرعي. وتعيد مقاربة الرواية الفكتورية الجديدة بوصفها جنساً فرعياً من الرواية التاريخية، يربط الرواية المعاصرة بالرواية التاريخية التقليدية، النوع الذي عارضته ليندا هتشيون في ما وراء القص التاريخي. لذلك فإن ميتشل تلخص تصورها النقدي لروايات الفكتورية الجديدة بقولها في الفصل الأول: إن روايات الفكتورية الجديدة يجب أن تقرأ بوصفها "نصوص ذاكرة" بمعنى أنها تشكل بفاعلية أفعال الذاكرة الثقافية بدلاً من كونها مجرد روايات أو بديلاً منافساً لصيغة السرد التاريخي في ما بعد الحداثة. وهكذا فإن ما هو على المحك ليس صحة أو عدم صحة تمثيل القرن التاسع عشر، ولكن الطرق، والأغراض، التي يجري بها تذكر الفترة من قبل الكتاب والقراء، بل وشخصيات الروايات ذاتها