حين نتحدّث عن أثَرٍ أدبيّ أو فنّـي ّجميلٍ أو ساحِرٍ أو أخّاذ، فإنّـما نتحدّث عن هبةٍ سماويّة متّصلة بالقدرة على الإحياء والإنشاء والبناء. وحين نتحدّث عن مُنتِج هذا الأثر، نتحدّث عن وجودٍ بشريّ حيّ فعّال، قابلٍ لأن يضيف إلى الحياة عناصرَ حيويّةٍ وأسْرٍ وخلابة. ولأنّ حظوظ...
حين نتحدّث عن أثَرٍ أدبيّ أو فنّـي ّجميلٍ أو ساحِرٍ أو أخّاذ، فإنّـما نتحدّث عن هبةٍ سماويّة متّصلة بالقدرة على الإحياء والإنشاء والبناء. وحين نتحدّث عن مُنتِج هذا الأثر، نتحدّث عن وجودٍ بشريّ حيّ فعّال، قابلٍ لأن يضيف إلى الحياة عناصرَ حيويّةٍ وأسْرٍ وخلابة. ولأنّ حظوظ البشر من " الإبداع " الأدبيّ وغيرِه متفاوتةٌ؛ لأنـها سحائبُ مُرْسلاتٌ( ) من الـحقّ العظيم سبحانه، وذلك بعبارة العلّامة محمّد إقبال اللّاهور يّرحمه الله تعالى، تتفاوتُ درجاتُ تقويـمنا لـهم، وتقديرِنا لـمنازلـهم. وإذا كان مباحًا أن نتحدّث في هذا السّياق عن أزمانٍ خاصّة وبلدان خاصّةٍ، فإنّه مُتاحٌ لنا بالقَدْر نفسه أن نتحدّث عن " أفراد خاصّة " من مُبْدعي الفِكْر والفَنِّ . عن " أفرادٍ " يجعلون الحياةَ الدنيا والآخِرةَ أجملَ وأصفى وأمتعَ. ولَسْنا ندّعي حين نقولُ إنّ جلال الدّين الرّوميّ واحِدة ٌمن سحائب الـحقّ التي نما اللؤلؤ النّيسانيُّ منتَسْكا بـها في بحار الأقاليم المختلفة( ). وقد تضاعف الاهتمامُ العالَميّ والعربيّ بـهذه الشخصيّة الـمبدعة في العَقْدَين الأخيرين. واللّافتُ للنّظر أنّ الاهتمام التركيّ والفارسيّ والعربيّ بـها جاء مسبوقًا باهتمام ٍغربيّ واضح الـمعالـم. ولعلّه من هبات الـحقّ، سبحانَه، أن نرى اهتمامًا ملموسًا بفِكَر جلال الدّين ومعانيه بين شُبّاننا العرب، ذُكرانًا وإناثًا، فيما تصرّم َمن قرننا الحادي والعشرين الميلاديّ. فعندَ أرباب العقل أنّ الانتفاعَ بثمرات عقول الـمبدعين الناصحين لله ورُسُله انتفاعٌ بعطايا بديع السّماوات والأرض، سبحانه.