الحدائق من الفنون الجميلة التي تظهر جمال الطبيعة وتُبين عظمة الخالق، وتبث المباهج في النفوس، ولذلك اهتم المسلمون أيما اهتمام بهذا الفن وأولوه جزءاً كبيراً من عنايتهم، وهذا الاهتمام لم يكن وليد فترة معينة، بل وُلدت مع ميلاد الإسلام الذي حثَّ على أن يُعمر الناس الأرض بعنصر...
الحدائق من الفنون الجميلة التي تظهر جمال الطبيعة وتُبين عظمة الخالق، وتبث المباهج في النفوس، ولذلك اهتم المسلمون أيما اهتمام بهذا الفن وأولوه جزءاً كبيراً من عنايتهم، وهذا الاهتمام لم يكن وليد فترة معينة، بل وُلدت مع ميلاد الإسلام الذي حثَّ على أن يُعمر الناس الأرض بعنصر الخضرة ممثلةَ في الغرس والزرع المثمر، وذلك لإظهار الحكمة الجمالية من وراء خلق الحدائق بأشجارها وثمارها، الأمر الذي يدل دلالةّ أكيدةَ عن ذلك الانسجام الكامل بين دين الإسلام، وفطرة الإنسان التي تسكن بطبعها إلى اللون الأخضر، وتناسق الأشجار والأزهار والثمار. وفي محاولة للتعرف على القيم المميزة للحديقة الإسلامية، كان علينا في أول الأمر التعرف على القيم المميزة للحديقة الإسلامية، وكشف الغطاء عن مضامينها الفكرية الفلسفية، فهنالك ركائز أساسية اعتمدها المصمم العربي في وضع الخطوط الأولية لحديقته، تلك الركائز التي تقوم عليها كل أنواع الفن الإسلامي، ألا وهي التوحيد، والتسامي، والإيمان، فقام بإنشاء جنات دنيوية يلمح فيها بريق الفردوس السماوي ونضارته التي وعد الله عز وجل عباده الصالحين، وكأنما أراد أن يتخيل جنات الخلد وجنات النعيم التي وصفها الله تعالى في كتابه الكريم بعبارات تجذب إليها القلوب بالظل الوارف على الأرائك، والماء الجاري في الجداول، والثمار الدانية القطوف، وعبير المسك، إلى غير ذلك من العناصر التكوينية والجمالية التي تركت أثراً كبيراً في نفوسهم.