بين الخطاب الرمزي والتأويل، ثمة علاقة حميمة لم يتوقف الفكر الإنساني عن تفحصها والحديث عنها منذ أرسطو وحتى أيامنا هذه. فمنذ العصر اليوناني القديم والمهتمون يقدمون كل يوم المزيد من المعارف التي تساعد في اقتحام هكذا خطاب، بهدف الكشف عن مضامينه المخبوءة.وكتاب "الرمزية...
بين الخطاب الرمزي والتأويل، ثمة علاقة حميمة لم يتوقف الفكر الإنساني عن تفحصها والحديث عنها منذ أرسطو وحتى أيامنا هذه. فمنذ العصر اليوناني القديم والمهتمون يقدمون كل يوم المزيد من المعارف التي تساعد في اقتحام هكذا خطاب، بهدف الكشف عن مضامينه المخبوءة.
وكتاب "الرمزية والتأويل" لايبتعد في جوهره عن هذا الهدف. فما وقوفه عند مدرستي التأويل الأكثر شهرة وتأثيرا في الحضارة الغربية إلا ليضع بين يدي القارئ مايساعده في امتصاص غموض الخطابات الرمزية من خلال الكشف عما فيها من معان تضاف إلى دلالاتها المباشرة.
والحقيقة أن ما ورد في هذا الكتاب من أفكار ليس سوى ثمرة طيبة لقراءات عديدة ومتنوعة استفادت من جهود سابقة كان المؤلف يخضعها للمناقشة فيلتقي معها تارة، ويختلف تارة أخرى. وهو في التقائه معها وابتعاده عنها يعتمد الأسلوب العلمي القائم على تقديم الأدلة والحجج والبراهين.
فمن المميزات الجوهرية لهذا الكتاب أن صاحبه لم يبخل بتقديم أمثلة نصية، منها ما هو شعري وما هو نثري، قام بتحليلها في ضوء منهجية تؤمن بحتمية الربط بين ما هو نظري وما هو تطبيقي في مجال الدراسات الأدبية. فقارئ هذا الكتاب سيجد مايشفي غليله ويلبي حاجته إلى الإمساك بالأدلة والتحليلات النصية التي تثبت فاعلية الطروحات النظرية وشرعيتها.
ومن المميزات البارزة الأخرى لهذا الكتاب، أن كاتبه كان فيه وصفيا وليس معياريا. وهذه الحقيقة أضفت على الكتاب زيادة في التكثيف. صحيح أن هذا التكثيف الشديد قد زاد من صعوبات الترجمة، إلا أنه بالمقابل زاد من حمولة الكتاب المعرفية.