لم يدر طارق، العائد من إجازته من العراق برفقة زوجته وابنتيه وهو مبهوض بحال اليأس الذي تلمسه في كل مفاصل الحياة هناك، بأن توقف رحلة الطائرة في اسطنبول لليلتين بسبب الثلوج سيجيش ذكريات الماضي كله. دفتر قديم فئة 30 ورقة مع ثلاث صور وضعته ابنة أخيه في حقيبته كان كافياً ليستذكر...
لم يدر طارق، العائد من إجازته من العراق برفقة زوجته وابنتيه وهو مبهوض بحال اليأس الذي تلمسه في كل مفاصل الحياة هناك، بأن توقف رحلة الطائرة في اسطنبول لليلتين بسبب الثلوج سيجيش ذكريات الماضي كله. دفتر قديم فئة 30 ورقة مع ثلاث صور وضعته ابنة أخيه في حقيبته كان كافياً ليستذكر أعز أصدقائه الذين رحلوا، ليستحضر الذكريات الجميلة والمؤلمة التي جايلها معهم بدءاً من حرب إيران، ومن ثم حرب تحرير الكويت، فرحلة الهجرة نحو الأردن، ومن ثم السويد، مروراً بتغير النظام وزياراته المتكررة.
هي ليست قصص الأصدقاء الثلاثة التي استحضرها طارق، بل أحلام ثلاثة وُئدت وهي في مهدها: الأول أن يغدو حارس مرمى لفريق العراق فقضت عليه حرب إيران، والثاني تأسيس دار نشر في بغداد الجميلة بعد تخرجه من قسم الترجمة بالجامعة المستنصرية لتجهز عليه حرب تحرير الكويت، والحلم الثالث تأسيس شركة للعلاقات العامة في بغداد تكون فرعاً للعديد من الشركات العالمية بعد تغير النظام. ولكن ما لمسه في 13 عاماً بعد تبوء سياسي الصدفة سدة الحكم قد أعاد العراق ثلاثة عشر قرناً إلى الوراء.