يصرخ البحر والريح. يقبل أحد البحارة: "يا سيد، هذا البحر لا يؤتمن والريح ستشتد، لو تنزل إلى قمرتك أو إلى الصالة".. "حسناً هذا البحر ينبغي أن يروّض. ولن يروّض إن لم نروِّض نحن البشر ما فينا".. "ماذا؟".. أتركه في حيرته وأمشي لأخرج.. من موت حنان يخرج مايكل ونيكول. من ذاكرتي يخرج خالد...
يصرخ البحر والريح. يقبل أحد البحارة: "يا سيد، هذا البحر لا يؤتمن والريح ستشتد، لو تنزل إلى قمرتك أو إلى الصالة".. "حسناً هذا البحر ينبغي أن يروّض. ولن يروّض إن لم نروِّض نحن البشر ما فينا".. "ماذا؟".. أتركه في حيرته وأمشي لأخرج.. من موت حنان يخرج مايكل ونيكول. من ذاكرتي يخرج خالد وتخرج حنان. من أفقي تخرج كلوديا. من جرحي أخرج إلى هواءٍ غازل طفولتي وطيّر شعري في الطرقات العتيقة. أخرج إلى ماء احتضن نحولي الشقي والأسماك الصغيرة تعبث بقدمي. أخرج إلى نار نشعلها بنزقنا في زاوية من شتاء لنحكي.. كنا نحكي ونحكي ونحكي.. كم حكينا؟. أوه، كم حكينا وما نزال. ما نزال. ما نزال. أكان بالمقدور أن نستمر ونكون، أن نحيا ونرحل ونأمل ونحلم من غير أن نحكي؟. لهذا أنا أحكي يا صاح. فما الجدوى إن لم نحكِ، وما المعنى إن لم تكن لدينا الحكايات؟...
من الرواية
لدى رحيم ميول لتعميم المتناهي وتحويله إلى مطلق. ولو اطلعت على روايته السابقة (ترنيمة امرأة) ستجد أنه يتكلم عن كوابيس بغداد خلال رحلة استجمام على شواطئ المتوسط في تونس. ثم عبر رحلة في أرجاء إيطاليا. ورحلته هذه لا توفر لك دليلا سياحيا تتعرف به على المعالم البارزة في إيطاليا، ولكن تعيد إلى الأذهان أزمة الإنسان المعاصر مع القيود المفروضة عليه. بتعبير آخر يتجول سعد رحيم في أرجاء النفس البشرية المأزومة بحثا عن إيمان أو يقين يلجأ إليه، عوضا عن أن يخترع تاريخا خياليا لمعرفة مجردة كما فعل نجيب محفوظ في (ابن فطومة) أو الغيطاني في (هاتف المغيب).
صالح الرزوق