كان زعيم البلاشفة يعتقد لوقت قريب أنه يبحث في إينيسّا عن ما قد يكون نافعا وصالحا للحزب والقضية، ولم ينتبه تماما أن الأمر فيه شيء آخر لا علاقة له بالعمل، ولا بالنضال السياسي، وأنّ رفاقه في الحزب وفي مقهى دي مانيّور قد لاحظوا جيّدا أنّه فُتِنَ بجمال هذه المرأة، وبلطفها...
كان زعيم البلاشفة يعتقد لوقت قريب أنه يبحث في إينيسّا عن ما قد يكون نافعا وصالحا للحزب والقضية، ولم ينتبه تماما أن الأمر فيه شيء آخر لا علاقة له بالعمل، ولا بالنضال السياسي، وأنّ رفاقه في الحزب وفي مقهى دي مانيّور قد لاحظوا جيّدا أنّه فُتِنَ بجمال هذه المرأة، وبلطفها وشخصيتها المرحة والمفعمة بالحيوية والنشاط، وإلّا فما معنى تلك السعادة العارمة التي كان يشعر بها كلّما أبدت لهُ رأيا يدلُّ على إعجابها بما يكتبُ أو بما يلقي أمام الرّفاق من خطابات، وما معنى ألّا يرفع عينيه من عليها، كلّما التقاها صدفة في بعض اجتماعات الحزب؟! إنها تعجبه، لأنها إينيسّا وكفى، وهذا بالضبط ما كان يجعله يشعر أمام نفسه قبل أيّ أحد آخر، بأنه أصبح رجلاً هزمَهُ العشقُ.
ريتانّا أرميني
إينيسّا هنا، ماهي سوى رمز لنساء قياديات عديدات امتهنّ العمل السياسي، وكرّسن حياتهن لقضاياه الحساسة دون أن يحظين بالتقدير الكافي لعملهنّ، ولا بالاعتراف بمدى أهمّيته، ولعلّ الكاتبة ريتانّا تريد من خلال طرح حكاية هذه المرأة مع لينين، التساؤل عن كم من إينيسّا مازالت حاضرة بيننا، وإن كان يفصلنا عن زمن الثورة البلشفية العديد من السنوات، وكأنّ شيئا لم يتغيّر، وكأنّ الزمنَ مازال واقفا هناك، فمن يدري، لربّما الأزمة الحقيقية للمجتمعات المعاصرة تكمن هنا: الإنسان لليوم لم يعرف كيف يتعامل مع تاء التأنيث، والرّجلُ مازال لمْ يفكّ بعد أسرار حواء وطاقاتها الكامنة، ربّما لو حاول ذلك لتغيّر كلّ هذا الجحيم الذي يعيشه الإنسان المعاصر، إلى ماهو أفضل وأعمق وأقيم، من أجل حياة إنسانية كريمة وعادلة.