افضت بنا مجموعة من الابحاث الاكاديمية التي اجريناها في جامعة بواتييه في فرنسا خلال الاعوام الخمس المنصرمة , و التي تمحورت حول مفهوم الانبثاق ومصدره , الى الاقرار بأسبقية الوسط على الكائن و بهيمنة الكلية على التمظهر العابر و بعلو الشمولية على التفرد , ولأجل ذلك اتخذت ابحاثنا...
افضت بنا مجموعة من الابحاث الاكاديمية التي اجريناها في جامعة بواتييه في فرنسا خلال الاعوام الخمس المنصرمة , و التي تمحورت حول مفهوم الانبثاق ومصدره , الى الاقرار بأسبقية الوسط على الكائن و بهيمنة الكلية على التمظهر العابر و بعلو الشمولية على التفرد , ولأجل ذلك اتخذت ابحاثنا وجهة اخرى انطلاقاً من حادثة ظهور الكائنات لكي تحاول تفسير انماطٍ متباينةٍ من العلاقات التي تحفل بها الاوساط والتي تؤدي الى ابداع كل ما هو جديد في هذا العالم.
تُعَدُ العلاقات التي تربط ما بين اي كيانٍ نُدرِكهُ والاجزاء الداخلة في تركيبه والخارجة عنه من اكثر القضايا الفكرية اثارة للجدل , انها علاقات الكُلِ بمكوناته وعلاقاتِ الوسطِ بمحتواه وعلاقة الكيانِ المُفردِ بكل ذلك. ولذا فهي محكومةٌ بهيمنةِ المُتعددِ اولاً و من ثَمَ بخضوعِ هذا الاخير الى التوحيد. وفي اطار مِثل هذا سنكون مُلزمين بالبحث فيما هو في باطن كينونة الاشياء وعن كنهها وفي ما يحدّها كمحيط جامع ممتد والى ما وراء هذا المحيط ان استطعنا. انها علاقاتٌ تنُبوءُ عن تعقيدٍ شديدٍ وهي ذوات قابلية كبرى على جذب الاهتمام الفلسفي اولاً و من ثمَ الرغبة في تطبيق المنهج العلمي التجريبي على جميع ما يحتويه الكون من مُكونات. الا ان هذه النمط من العلاقات , الذي لا يمكن فَهمَهُ وادراك فحواه الا على نحو جمعي , سيستعصي على التفسير المُولع بتطبيق النظريات العلمية scientistes لشدة ما يعتري الرؤية التجريبية من غموضٍ وتداخلٍ لمجالاتٍ متباينةٍ , فيما تكون الفيزياءُ الحديثةُ والكُمومية على وجه التحديد شاهدة على غرابة وعمق غور الواقع المادي.