مع اندفاع عربته وسط السوق يبدأ العالم القصصي الذي رسمه الروائي عبد الله خليفة، وينفتح النص الحكائي عن عوالم وحيوات كثيرة تتعدد طبقات القص فيها، ويقف القارئ مبهوراً أمام قدرة القاص على تحريك كل هذه الحيوات في حيز ضيق، هو كل ما يتيحه زمن القصة، وما يسمح به شكلها الفني، لئلا...
مع اندفاع عربته وسط السوق يبدأ العالم القصصي الذي رسمه الروائي عبد الله خليفة، وينفتح النص الحكائي عن عوالم وحيوات كثيرة تتعدد طبقات القص فيها، ويقف القارئ مبهوراً أمام قدرة القاص على تحريك كل هذه الحيوات في حيز ضيق، هو كل ما يتيحه زمن القصة، وما يسمح به شكلها الفني، لئلا تقع في انزياح شكلي يغير هويتها كقصة قصيرة ويحولها إلى سرد آخر له قوانين أخرى غير قوانين القصة القصيرة المتعارف عليها. يفاجئنا الكاتب بمهارة لا نجدها إلا لدى قلّة من قصّاصي الأجيال السابقة لجيله والتالية له من الكتّاب العرب المعروفين، تميزوا بهذا الفن النثري الرفيع، أسمع ذكرياته التي ترف في عينيه كصور يراها القارئ بوضوح عبر الكلمات: «يهدأ وهو يتأملُ المقهى وروائحُ الشوي والخبز الطازج الطالع من التنور تقتله، كم جلسَ هنا وهو شاب؟ كم أكلتْ هذه الدروبُ من عمرهِ وأعطاها الكثير، يروح يتكلم مع رفيق وهو يطالع السلع المبهرة والفاترينات البراقة» ثم يتبع البطل مخاطباً نفسه والناس ليعبر به عن قناعاته الجديدة بعد أن تخلّى عن قناعات الشباب، واندفاعاته بحثاً عن لغة الحلم والتغيير للحياة «هل أحدٌ يضحي من أجل هؤلاء البشر البقر؟ ألم يكلْ مصطفى؟ هل هناك رجلٌ عاقلٌ يفتحُ مكتبةً الآن وفي السوق؟» ومصطفى هذا الذي يتكلم عنه الأيوبي هو ابن مريوم الخياطة.