هل تكفي ثلاث مجموعات شعرية لإحداث مثل هذا الصخب حول خصوصية تجربة محمد الماغوط؟الرجل صمت شعرياً مبكّراً، على رغم كل المديح الذي واكب حضوره المتفرد والاستثنائي، ليضع قصيدته على رفّ خاص في المكتبة العربية، إذ اتفق أصدقاء قصيدة النثر وخصومها على شاعرية الماغوط دون غيره من...
هل تكفي ثلاث مجموعات شعرية لإحداث مثل هذا الصخب حول خصوصية تجربة محمد الماغوط؟
الرجل صمت شعرياً مبكّراً، على رغم كل المديح الذي واكب حضوره المتفرد والاستثنائي، ليضع قصيدته على رفّ خاص في المكتبة العربية، إذ اتفق أصدقاء قصيدة النثر وخصومها على شاعرية الماغوط دون غيره من الشعراء، وظل بمنأى عن الحروب الطاحنة حول ما هو شعر، وما ليس شعراً، ولم يدخل في السجالات النقدية والنظرية حول شرعية ما يكتب. كانت قصيدته ولا تزال، خارج سجلّ النفوس الشعري، ولم تُرجم بحجر أو تُتهم بخطيئة، فيما خاض الآخرون معارك شرسة لإثبات هوية قصيدة النثر وشرعيتها. حتى أنه لم يكلّف خاطره بتسمية ما كان يكتبه: هل هو شعر أم نثر، أم صراخ في برية؟
وحين كثرت الكتابات النقدية حول شعره، تشبّث الماغوط بعفويته وفطرته، وراح يؤكد صراحةً بأنه لم يكمل تعليمه، وتالياً لم يطّلع على خزائن الحداثة كي يغرف منها نصوصه أو يتأثر بأعلامها.
يعترف الماغوط بأن معلمه الأول في الشعر هو سليمان عواد ابن مدينته السلمية، فيما لم يتجاوز اسم المعلم حدود البلاد، ثم أليس غريباً أن يصمت عن كتابة الشعر بمجرد أن غادر بيروت واستقر في دمشق مجدداً؟ كأن المدن تلعب دوراً أساسياً في إنضاج تجربة إبداعية أو موتها!