الريح المغبرّة تتلاعب بطيور الغاق.. ترنّحُ الطيور يُظهرها نصف مبتهجة ونصف لا مبالية.. الزورق العتيق المشدود إلى الضفة يتأرجح مع حركة الموج مثل راقص باليه عجوز.. تقترب طيور الغاق من الزورق حتى تكاد تلامس سطح الماء قربه.. يحطُّ اثنان منها على القيدوم ثوانيَ قليلة قبل أن ينزلقا...
الريح المغبرّة تتلاعب بطيور الغاق.. ترنّحُ الطيور يُظهرها نصف مبتهجة ونصف لا مبالية.. الزورق العتيق المشدود إلى الضفة يتأرجح مع حركة الموج مثل راقص باليه عجوز.. تقترب طيور الغاق من الزورق حتى تكاد تلامس سطح الماء قربه.. يحطُّ اثنان منها على القيدوم ثوانيَ قليلة قبل أن ينزلقا ويعاودا الطيران.. رجلٌ على الجسر يُلقي، من كيسٍ أسود بيده، فتات خبز إلى النهر.. تسرع الطيور إليها وتخطفها في الهواء.. الرجل المحني الجذع على سياج الجسر الحديدي بسترته الكالحة ربما كان متقاعداً.. هناك في الأسفل، على الضفة يجلس كهلٌ آخر على صفيحة معدنية فارغة، يصطاد السمك.. يلوِّح بيده لصاحب كيس الخبز.. صاحب كيس الخبز لا يهتم.. لعلّه لا يرى جيداً، أو أنه يفسِّر التلويحة كما لو كانت حركة عفوية غير مقصودة.. يبدو الكهل الصيّاد وكأنه كان هنا منذ الفجر ولم يصطد شيئاً.. لا تظهر عليه علامات تذمر أو سخط.. أو أنه هنا، فقط لقتل الوقت.. من يرى الرجل الصيّاد والرجل صاحب الكيس، يدرك أن كليهما، يمتلك وقتاً فائضاً مفتوحاً.