إن ما قدمه سعد رحيم مع سرب من أبناء جيله كان ثورة على الأشكال المرعية في الكتابة، ولكن مع الاحتفاظ بنفس المعاني الشائعة، فنبرة الهجاء والسخط والضياع تتكرر لدى الجميع وعلى عدة مستويات.الأول وكانت تعكسه نغمة تصوفية تحضن همومها الخاصة، وتنظر إلى الإنسان الفرد على أنه بوابة...
إن ما قدمه سعد رحيم مع سرب من أبناء جيله كان ثورة على الأشكال المرعية في الكتابة، ولكن مع الاحتفاظ بنفس المعاني الشائعة، فنبرة الهجاء والسخط والضياع تتكرر لدى الجميع وعلى عدة مستويات.
الأول وكانت تعكسه نغمة تصوفية تحضن همومها الخاصة، وتنظر إلى الإنسان الفرد على أنه بوابة لذات المجتمع. وما يعكسه الأفراد من قلق وتذمر هو ما يتفاعل في اللاوعي عند الجماعة.
والمستوى الثاني غلبت عليه الواقعية الجديدة بكل محاورها، التي تعمد لمحاكاة الطبيعة وتصورها وهي تغرق في السديم والضباب والحر، وتجهز نفسها لتحترق مع المكونات والعناصر الأخرى، ثم الواقعية الطبيعية التي تفكك الموجودات وتعيد انتاجها بمرآة الثقافة السائدة، وهي غالبا تحمل تقاليد التعبير المضاعف. فهي رمزية، ولذلك فهي رموز مكسورة ومكشوفة وليست معقدة كما هو الحال في فترة الستينات.
أما المستوى الثالث فهو الذي أعاد ترتيب العلاقات بين الشكل والمضمون، حتى أن المسافة بين الطرفين أصبحت تدل على سوء التفاهم. فالشكل تجزيئي ومنقسم على نفسه وغير متأكد من طبيعته، بينما المضمون متكتل على نفس النغمة المازوشية التي ترتاح لتعذيب الذات وتطهير النفس من الأدران والأخطاء العامة. ولذلك إن مضمون الكتابة يضحي بنفسه، من خلال الركون لأشكال لا تتساوى مع واقعها. فالواقع البسيط والمتخلف يختار أشكالا معقدة هي جزء من الواقع الصناعي الذي تفرضه علينا حضارات أخرى لها عقل منتج مختلف.