أولى العثمانيون دمشق بعض عنايتهم نظراً لأهميتها الدينية والتجارية فأقاموا فيها الجوامع والتكايا والمدارس وعدداً من الخانات والحمامات والقصور، والتي مازال معظمها قائماً إلى وقتنا الحاضر؛ وقد اكتسبت دمشق أهمية دينية خاصة لدى العثمانيين وبالغوا في قدسيتها ونسبوا بعض...
أولى العثمانيون دمشق بعض عنايتهم نظراً لأهميتها الدينية والتجارية فأقاموا فيها الجوامع والتكايا والمدارس وعدداً من الخانات والحمامات والقصور، والتي مازال معظمها قائماً إلى وقتنا الحاضر؛ وقد اكتسبت دمشق أهمية دينية خاصة لدى العثمانيين وبالغوا في قدسيتها ونسبوا بعض الأحاديث في ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ناهيك عن اعتقاد بعض المؤرخين بوجود قبور بعض الأنبياء في سفوح جبل قاسيون، ودفن بعض الصحابة فيها، وبعضاً من التابعين والصالحين والأولياء والعلماء والمتصوفين؛ وكان لوقوع دمشق على طريق الحج الحجم الأكبر من هذا الاهتمام، فقد كانت على اتصال مع المراكز التجارية العربية؛ عندما تناولت بهذا الكتاب مساجد مدينة دمشق في العصر العثماني، قصدت من ذلك دراسة تاريخية وعمرانية للأسلوب المميز الذي أدخله العثمانيون بدخولهم مدينة دمشق، فعلى الرغم من تأثر الدمشقيين بالطراز المملوكي الذي كان سائداً آنذاك، إلا أن تأثير الطراز العثماني أيضاً كان واضحاً على جميع مكونات تلك المساجد، وخاصة في العصر العثماني المبكّر؛ تسعى هذه الدراسة بدايةً إلى تحديد موقع وتاريخ المسجد وما يتعلق به من حيث تاريخ البناء، وترجمة المؤسس وما إلى ذلك من تلك التفاصيل الغنية التي تفتح الباب للقارئ للدخول إلى هذا المسجد والتجوّل في أركانه بعد معرفة تفاصيله التاريخية، واعتمدت في تحديد هذا التاريخ على كتب التراجم والأعيان وكتب الرحالة من باحثين ودبلوماسيين بالإضافة إلى الكتب التي تناولت محاسن مدينة دمشق، ووصفت هذه المحاسن بطريقة حسيّة؛ ثم انتقلت بعدها إلى الوصف المعماري، وكشف جميع جوانب هذه المساجد من خلال المقارنة بين الحالة السابقة التي استقيتها من بعض المصادر التاريخية.