يقولُ لكَ هذا الكتابُإنّه في العصرِ العبَّاسي الأوّل (232 - 132هـ)، حدث في التاريخ الحضاري والفكري والثّقافي العربي والفارسيِّ ما لم يحدث في أية مرحلة من مراحل هذا التاريخ. فقد استظلَّ العربُ والفُرْسُ بمظلّةِ الإسلام الظليلةِ، وأفادَ كلٌّ منهم من فكر الآخر وثقافته ما يصعبُ...
يقولُ لكَ هذا الكتابُ إنّه في العصرِ العبَّاسي الأوّل (232 - 132هـ)، حدث في التاريخ الحضاري والفكري والثّقافي العربي والفارسيِّ ما لم يحدث في أية مرحلة من مراحل هذا التاريخ. فقد استظلَّ العربُ والفُرْسُ بمظلّةِ الإسلام الظليلةِ، وأفادَ كلٌّ منهم من فكر الآخر وثقافته ما يصعبُ وصفه وتقدير قيمته. وانبثق من حركة التمازج الثقافي العربي الفارسيّ في هذه المرحلة ثقافةٌ عربيّةٌ قليلةُ النّظير في التاريخ نوعاً وكمّاً، وثقافةٌ فارسيّةٌ عربيّةُ اللّسانِ في غايةِ الرّوعة، هيّأتْ يقيناً بَعْدَ وقتٍ قصيرٍ لميلادِ الثّقافةِ الفارسيّةِ الإسلاميّةِ بلُغتها الفارسيّة. ويُحدِّثُكَ الكتابُ عن خَيْطٍ فارسيٍّ واضحِ المعالمِ في جُمْلةِ النّسيجِ الفكريِّ والثّقافيّ العربي، هو خَيْطُ الحِكَمِ والنّصائحِ والوصايا الفارسيّة، فيَقِفُكَ عند صُورتها الأصليّة في مهدها السّاسانيّ، وعُبورِها إلى الثقافة العربيّة عَبْر جُسورٍ خاصّةٍ، وصُورتها بَعْدَ استنباتِ بُذورِها في تُربةِ الثّقافةِ العربيّة، وعندَ أمثلةٍ واضحةٍ لآثارها في مُنجَزِ كُتّابِ العَصْرِ العَبّاسيِّ الأوّلِ وشُعَرائِه الكِبار. ومن الله سُبْحانَه التّسْديد.