الظلام، والجوع، والوساخة، والبرد الشديد، والإرتجافات مثل الكهرباء الثلجية النارية، والمياه تدق رأسهم الحديدي المشترك بصليل يعوي كآلاف الذئاب، والباصُ تقلقلَ ويكاد ينقلب، والعتمة الشديدة والعاصفة الهادرة، مطر مثل بحر، زجاج يتصدع، خطوط غائرة في عظام الحديد، صرخات ألم من...
الظلام، والجوع، والوساخة، والبرد الشديد، والإرتجافات مثل الكهرباء الثلجية النارية، والمياه تدق رأسهم الحديدي المشترك بصليل يعوي كآلاف الذئاب، والباصُ تقلقلَ ويكاد ينقلب، والعتمة الشديدة والعاصفة الهادرة، مطر مثل بحر، زجاج يتصدع، خطوط غائرة في عظام الحديد، صرخات ألم من فوق المياه، تلاصقُ أجسادٍ تُسري شيئاً من الحرارة، الليل طويل، لا نجوم ولا مصابيح، وأصوات الطائرات المروحية تأتي من بعيد، يسمعون هذيان إبراهيم الغريب، وهينمة منيرة بآيات القرآن، يصرخ إبراهيم: «إنا مجرم!»، يقول خالد الحساوي: «إنا مكسور متعفن فلماذا إذن ضيعت شبابي؟!»، نعيمة تضعُ قطعةَ أكلٍ في فم درويش فيردها لها!
الظلام يُختطف بنورٍ وامض، ثمة سيارات نجدة، المياه تنزل قليلاً، البرد يشتد، ينامون ولا ينامون، درويش لم يعد يخافُ النومَ، ينزلَ رأسَهُ باهتزازات على صدر نعيمة، يحلم ببيتهم العتيق صار متحفاً وملعباً للأطفال ومكتبة، يدخل عليه أبوه وهو معلم يدرس الطلاب والطالبات، يحدقُ في الخريط المعلقة، ويقطعُ الدرسَ بسؤال!