تتوفر في كل تقليد أدبي ، عربي أو عالمي ، فسحة " للجنون أو الموت " يسيطر عليها نوع من "الشغف" أو " الهوى " سيطرةً أقوى من سلطة التاريخ والواقع . يقع هذا الشغف في المنطقة الوسطى بين أرض الواقع والانفصال عنها . وليس الأدب العراقي استثناء من هذا الشغف أو الهوى ، بل هو زاخر بالمواقف...
تتوفر في كل تقليد أدبي ، عربي أو عالمي ، فسحة " للجنون أو الموت " يسيطر عليها نوع من "الشغف" أو " الهوى " سيطرةً أقوى من سلطة التاريخ والواقع . يقع هذا الشغف في المنطقة الوسطى بين أرض الواقع والانفصال عنها . وليس الأدب العراقي استثناء من هذا الشغف أو الهوى ، بل هو زاخر بالمواقف والألغاز التي تشكل الهاجسَ الأخير، الذي يجذب الكاتب الى حتفه (الجسدي لا التاريخي). وكانت هذه استراتيجية سعد محمد رحيم الأدبية ، ترسم للواقع صورةً مخيالية تقرّب الحقيقة من الوقوف ضد الأخطاء والمظالم الجسدية والنفسية ، وتنحاز بقوة لمهمات الفكر التنويري في العقلانية والحرية والتقدم. بعد عام من وفاة الروائي سعد محمد رحيم ، يقدّم مجموعة من الباحثين كتاباً نقدياً حول رواية " ظلال جسد .. ضفاف الرغبة " ، يضم هذا الكِتاب بحوثهم ، التي تُعدُّ أدلةً إضافية إلى المواقف الشخصية والفكرية التي شكلت صورة هذا الكاتب الراحل في مخيال أصدقائه الكتاب والقراء من مختلف الأجيال . ولعله الكِتاب الشامل الذي يستبق فيه الباحثون جهوداً نقدية متفرقة حاولت الوصول إلى استراتيجية الراحل دون أن تحيط بجوانبها كلها. يتضمن الكِتاب اثنتي عشرة دراسة بأقلام نقاد وأكاديميين أجابوا فيها على الأسئلة والألغاز التي طرحتها روايات سعد محمد رحيم ، وإشكاليات الواقع التي تمثّلتها ، إضافة إلى جماليات التشكيل والبناء واختيار زوايا النظر. آمل أن تضع هذه الفاعليات الجادة والرصينة لبنةً أساسية في صرح أدبنا النقدي وثقافتنا الجديدة ، في ضوء نظريات السرد الروائي الحديثة والدروس الأكاديمية المتطورة.